فهرس المدونة

الاثنين، 30 أغسطس 2010

أظلتكم عشر مباركة فيها ليلة القدر





الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

فمن فضل الله ومنته أن شرع لعباده مواسم عظيمة وساعات جليلة يتقربون فيها إليه عز وجل هاهم يتشوقون لمقدم شهر الخير والبركة وتطول عليهم الليالي والأيام رغبة في إدراك هذا الشهر العظيم ولذا كانوا يدعون الله عز وجل أن يبلغهم شهر رمضان.

وإذا دخل الشهر الكريم وبانت أنواره تدرجوا في العبادة وتعودوا على الأنس بالقيام والصبر على الصيام حتى تنقضي العشر الأول ثم هاهم يرون هلاله قد ارتفع في السماء إيذانا ببداية الانصرام فهم يتشوقون إلى عظيم النوال حتى إذا أظلتهم العشر المباركة فإذا النفوس قد تطلعت إلى مزيد من العبادة رجاء المغفرة والعتق من النار.
قال ابن رجب – رحمه الله - : " المحبون تطول عليهم الليالي فيعدونها عدا لانتظار ليالي العشر في كل عام ! فظفروا بها نالوا مطلوبهم وخدموا محبوبهم ".

وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير نبراس وهدى عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر )", وفي رواية مسلم : عن عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ". قال ابن حجر – رحمه الله - : " وفي الحديث الحرص على مداومة القيام في العشر الأخير إشارة إلى الحث على تجويد الخاتمة ".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».

الأعمال الخاصة بالعشر الأواخر من رمضان :

الساعات الغالية النفيسة التي لا تعود إلا مرة في العام يسارع إليها الموفقون يغتنمون لحظاتها ودقائقها ويتعرضون فيها لنفحات الجواد الكريم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بأعمال لا يعملها بقية الشهر :

فمنها : إحياء الليل فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله ففي حديث عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر – يعني الأخير – شمر وشد المئزر ", ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة قالت : " ما أعلمه صلى الله عليه وسلم ليلة حتى الصباح ".

ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي وقد صح عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلا فيقول لهما : «ألا تقومان فتصليان ».

وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة ونضح الماء في وجهه وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم : " الصلاة الصلاة ويتلو هذه الآية : {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ} [طه:132]".

قال سفيان الثوري – رحمه الله - : " أحب إلى إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن طاقوا ذلك ".

ومنها : اغتساله صلى الله عليه وسلم بين العشاءين لحديث عائشة : " واغتسل بين الأذانين ", والمراد : أذان المغرب والعشاء قال ابن جرير : " كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر ويقول : ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة والتي تليها ليلتنا يعني البصريين ".

أخي المسلم : لقد كان الصالحون إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان تهيأوا لها واستقبلوها بالطهارة ظاهرا و باطنا !

فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والغسل والتطيب بالطيب واللباس الحسن كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد وكما يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى وتطهيره من أدناس الذنوب.

ومنها : الاعتكاف ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى» وفي صحيح بخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين» وإنما كان يعتكف النبي صلى اله عليه وسلم في العشر التي يطلب فيها ليلة القدر قطعا لأشغاله وتفريغا لباله وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه.

فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه فما بقى له سوى هم سوى الله وما يرضيه عنه وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال
قال الإمام الزهري – رحمه الله - : " عجبا للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل ".

ليلة القدر

من أعظم ليال العام فيها يفيض الرب عز وجل على عباده وتنزل عليهم الرحمات في ليلة خير من ألف شهر.
قال تعالى : {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)} [القدر:1-3], وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شهر رمضان : «فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم» وقال مالك: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العكر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.

قال قتادة - رحمه الله - : " إنما هي بركة كلها خير إلى مطلع الفجر ".

وقال الضحاك - رحمه الله - : " لا يقدر الله في تلك الليلة إلا السلامة وفي سائر الليالي يقضي بالبلايا والسلامة ".

قال الحسن البصري - رحمه الله - : " إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر ".

أخي المسلم : إنها ليلة نزول الملائكة ,, ليلة الخيرات ,, ليلة النفحات ,, ليلة العتق من النار,, ليلة الرحمة.
ومن فاتته هذه الليلة فهو محروم حقا, قال صلى الله عليه وسلم : «من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».

وليلة القدر أنزل فيها القرآن ووصفها الله عز وجل بأنها ليلة مباركة يكتب فيها الآجال والأرزاق خلال العام : {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[الدخان:4] ولها فضل عن غيرها من الليالي فهي خير من ألف شهر في العبادة وتنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والربكة وهي ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير : {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:5] وفيها غفران الذنوب لمن قامها إيمانا واحتسابا ,,,

وأما العمل في ليلة القدر فقد أثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضا.

قال سفيان الثوري : " الدعاء في تلك الليلة أحب إلي من الصلاة ". ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء وأن قرأ ودعا كان حسنا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان ويقرأ قراءة مرتلة لا يمر بآية فيها الرحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.

وقد سئلت عائشة – رضي الله عنها – النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : «قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفو عني» ولعظمة هذه الليلة كان الصالحون يتهيأون لها ويستقبلونها كما الأعياد فقد كان لتميم الداري رضي الله عنه حلة اشتراها بألف درهم كان يلبسها في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر وكان ثابت البناني وحميد الطويل – رحمهما الله – يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ويطيبون المسجد بأنواع الطيب في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر.

أخي المسلم : عليك بالمبادرة إلى الخيرات والإسراع في عمل الصالحات ولا تفوت هذه الأيام والليال الغالية فإن الوقت كالسيف وتأمل في حال من صلى وصام العام الماضي واليوم رهبن القبر فأسرع إلى طاعة ربك وتذلل بين يديه واسأله العافية في الدنيا والآخرة.

قال ابن الجوزي : " كم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب وهذه الأيام مثل المزرعة فكأنه قيل للإنسان : كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف كر ( مكيال ضخم ) فهل يجوز للعاقل أن يتوقف البذر ويتواني ؟! ".

أخي المسلم : نداء من الرب عز وجل يحتاج إلى حسن استجابة ومداومة على الخير {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133].
قال سعيد بن جبير – رحمه الله - :" سارعوا بالأعمال الصالحة {إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} قال : لذنوبكم ".

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده وهؤلاء هم الذين {يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون:60]. روي عن علي رضي الله عنه قال : " كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل ألم تسمعوا الله عز وجل يقول : {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]".

عن الحسن قال : " إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا و تخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون ".

جعلنا الله وإيّاكم من المقبولين في هذا الشهر الكريم وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.













إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

الخميس، 26 أغسطس 2010

قصة الشيطان يساعد مسلم على الصلاة

من موقع "الإسلام سؤال و جواب" نقلتُ هذا السؤال و جوابه :

السؤال:
نرجو الإفادة في صحة هذه الرواية ( سمعتها من أحد الوعاظ ) استيقظ الساعة الرابعة والثلث ليجهز نفسه لأداء صلاة الفجر , قام وتوضأ ولبس ثوبه وتهيأ للخروج من المنزل والذهاب إلى المسجد , كان معتاداً على ذلك فمنذ صغره اعتاد أن يصلي صلواته جماعة في المسجد حتى صلاة الفجر , خرج من منزله وأخذ طريقه إلى المسجد , وبينما هو في طريقه إليه تعثّر وسقط وتمزّق جزء من ثوبه , فعاد إلى المنزل يغيّر ثوبه ويلبس ثوباً آخر , لم يغضب ولم يسب ولم يلعن ، فقط عاد إلى منزله وغيَّر ثوبه بكل بساطة , ثم عاد مرة أخرى يسلك طريق المسجد وإذ به يتعثّر مرة أخرى ويسقط وانقطع جزء من هذا الثوب أيضاً , عاد إلى منزله وقام بتغيير ثوبه , لقد تمزّق كلا ثوبيه ومع ذلك لم يعقه ذلك عن رغبته في أداء الصلاة جماعة في المسجد , عاد مرة أخرى يأخذ طريقه إلى المسجد ، وإذا به يتعثر للمرة الثالثة , ولكن شعر فجأة أنه لم يسقط ، وأن هناك أحداً أسنده ومنعه من أن يسقط على الأرض , تعجب الرجل ونظر حوله فلم يجد أحداً , وقف حائراً لحظة ثم أكمل طريقه إلى المسجد ، وإذا به يسمع صوتاً يقول له أتدري من أنا ؟ فقال الرجل : لا ، فرد الصوت : أنا الذي منعك من السقوط , فأعقبه الرجل وقال : فمن أنت ؟ فأجاب : أنا الشيطان ، فسأله الرجل : ما دمتَ الشيطان لم منعتني من السقوط ؟ فرد الشيطان : في المرة الأولى عندما تعثرت وعدت إلى منزلك وغيَّرت ثوبك غفر الله لك كل ذنبك ، وفي المرة الثانية عندما تعثرت وعدت إلى منزلك وغيَّرت ثوبك غفر الله لأهل بيتك , وعندما تعثرت في المرة الثالثة خفت أن تعود إلى المنزل وتغير ثوبك فيغفر الله لأهل حيّك , فأسندتك ومنعتك السقوط ! .
ما يحيرني في القصة أنه هل يمكن للشيطان أن يكلم الإنسان وأن يمسك يده ويمنعه من السقوط كما ورد في القصة ؟.

الجواب:
الحمد لله
أولاً :
هذه القصة لا أصل لها في كتب السنة والحديث والتاريخ ، وهي مخالفة للشرع مخالفة صريحة ، وذلك من وجوه :
1. المحادثة بين الرجل والشيطان ، فمن الممكن أن يوسوس الشيطان للإنسان ، وهو على هيئته الحقيقية ، وأما أن يكلمه فهذا غير ممكن ، إلا أن يكون الشيطان متشكلا على هيئة البشر.
2. قول الشيطان إنه أسند الرجل عندما تعثَّر ، وهذا الأمر لا يصدَّق وليس في مقدور الشيطان أن يفعله ، وقد جعل الله تعالى الملائكة حافظة وحارسة للإنسان من ضرر الجن وأذيته ؛ لأنهم يروننا ولا نراهم ، قال تعالى : ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ) الرعد/11 ، وواضح من القصة المكذوبة أن الشيطان له قدرة على حفظ الإنسان مما يمكن أن يؤذيه ، أو أن الشيطان قادر على المنع من قدر الله تعالى .
3. والأخطر في القصة المكذوبة هو في قول الشيطان إن الله تعالى في المرة الأولى غفر للإنسان كل ذنبه ، وأنه في المرة الثانية غفر الله لأهل بيته ، وزعْمه أنه لو سقط في المرة الثالثة لغفر الله لأهل حيِّه ! وهذا كله من الكذب على الله تعالى وادعاء علم الغيب ، وليس جرح المجاهد في المعركة مع الكفار بموجب لمثل هذه الفضائل ، فكيف تُجعل للذاهب للمسجد ، وهي ليست لمن تعثر وسقط في الدعوة إلى الله أو في طريقه لصلة الرحم وغيرها من الطاعات ، فكيف تُجعل هذه الفضائل لمن سقط في ذهابه للمسجد ؟! .
ثم إنه ليس في السقوط والتعثر شيء يوجب هذه الفضائل ، وقد سقط وتعثر وجرح كثير من الصحابة في زمن النبي ولم يأتِ حرف في السنة في مثل هذه الفضائل بل ولا في جزء منها ، ولا يغفر الله تعالى لأهل البيت أو الحي أو المدينة لفعل واحد من الصالحين أو طاعته ، فضلاً عن سقوط لا يقرِّب إلى الله وليس هو طاعة في نفسه ، ولو كان أحدٌ ينتفع بفعل غيره لانتفع والد إبراهيم عليه السلام بنبوة ابنه ، ولانتفع ابن نوح بنبوة أبيه ، ولانتفع أبو طالب بنبوة ابن أخيه محمد .
ثم من أين علم الشيطان بذلك كله حتى أخبر هذا الرجل ، وهل يملك الشيطان أن يمنع رحمة أرادها الله تعالى بأحد من عباده ؟
كلا ؛ قال الله تعالى : ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فاطر/2
ثانياً :
لا شك أن هذه القصص المكذوبة الباطلة هي مما يروج عند من لم يفهم دينه ، ولا يعرف توحيد ربه تعالى ، ويروجها أساطين الكذب من الخرافيين المفترين على شرع الله تعالى ، وقد توعد الله تعالى هؤلاء الكاذبين بأشد الوعيد ، فقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
والواجب على الخطباء والمدرسين أن ينزهوا أنفسهم أن يكونوا من القصَّاص الذين يقصون على العامة ما يخالف الشرع والعقل ، وقد حذَّر سلف هذه الأمة من هؤلاء القصَّاص أشد التحذير لما فيه كثير من قصصهم من آثار سيئة على العامة ولما فيها من مضادة لشرع الله .
وقد جاء في حديث حسَّنه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1681 ) عن النبي قال : ( إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لمَّا هَلَكُوا قَصُّوا ) .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
قال في " النهاية " : ( لما هلكوا قصوا ) : أي : اتكلوا على القول وتركوا العمل ، فكان ذلك سبب هلاكهم ، أو بالعكس : لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص .
وقال الألباني – معقِّباً - :
ومن الممكن أن يقال : إن سبب هلاكهم اهتمام وعاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع الذي يعرف الناس بدينهم ، فيحملهم ذلك على العمل الصالح ؛ لما فعلوا ذلك هلكوا . " السلسلة الصحيحة " ( 4 / 246 ) .
وهذا هو حال القصَّاص : الاهتمام بالحكايات والخرافات ، وسردها على العامة ، دون الفقه والعلم ، ويسمع العامي كثيراً ولا يفقه حكماً ولا يستفيد علماً .
قال ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " ( ص 150 ) :
والقصاص لا يُذمون من حيث هذا الاسم لأن الله عز وجل قال : ( نَحْنُ نَقصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَص ) وقال : ( فَاقْصُص القَصَص ) .
وإنما ذُمَّ القصاص لأن الغالب منهم الاتساع بذكر القصص دون ذكر العلم المفيد ، ثم غالبهم يخلط فيما يورد وربما اعتمد على ما أكثره محال . انتهى
وعن أبي قلابة عبد الله بن زيد قال : ( ما أمات العلم إلا القصاص ، يجالس الرجلُ الرجلَ سنةً فلا يتعلق منه شيء ، و يجلس إلى العلم فلا يقوم حتى يتعلق منه شيء ) . " حلية الأولياء " ( 2 / 287 ) .
وكم أحدث هؤلاء القصاص من آثار سيئة على العامة ، وسردهم لتلك الخرافات جعلت لهم منزلة عند العامة الذين يصدِّقون كل ما يسمعون حتى أصبحوا مقدَّمين على العلماء وطلبة العلم .
قال الحافظ العراقي – رحمه الله - :
ومن آفاتهم : أن يحدِّثوا كثيراً من العوام بما لا تبلغه عقولهم , فيقعوا في الاعتقادات السيئة , هذا لو كان صحيحاً , فكيف إذا كان باطلاً ؟! . " تحذير الخواص " للسيوطي ( ص 180 ) نقلاً عن " الباعث على الخلاص " للعراقي .
يقول ابن الجوزي :
والقاص يروي للعوام الأحاديث المنكرة , ويذكر لهم ما لو شم ريح العلم ما ذكره , فيخرج العوام من عنده يتدارسون الباطل ، فإذا أنكر عليهم عالم قالوا : قد سمعنا هذا بـ " أخبرنا " و " حدثنا " ، فكم قد أفسد القصاص من الخلق بالأحاديث الموضوعة , كم لون قد اصفر من الجوع , وكم هائم على وجهة بالسياحة ، وكم مانع نفسه ما قد أبيح , وكم تارك رواية العلم زعماً منه مخالفة النفس في هواها ، وكم موتم أولاده [ يعني : جعلهم يتامى ] بالزهد وهو حي ، وكم معرض عن زوجته لا يوفيها حقها ؛ فهي لا أيم ولا ذات بعل " اهـ . الموضوعات " ( 1 / 32 ) .
ومن هنا جاء الذم لهؤلاء القصاص في كلام كثير من السلف :
قال ميمون بن مهران - رحمه الله - :
القاص ينتظر المقت من الله ، والمستمع ينتظر الرحمة .
قال الألباني رحمه الله - تحت حديث رقم ( 4070 ) من " السلسلة الضعيفة " - : رواه ابن المبارك في كتابه " الزهد " بسندٍ صحيحٍ .
وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - : أكذب الناس القُصَّاص والُّسوَّال ، وما أحوج الناس إلى قاص صدوق ؛ لأنهم يذكرون الموت وعذاب القبر ، قيل له : أكنت تَحضر مجالسهم ؟ قال : لا . " الآداب الشرعية " لابن مفلح الحنبلي ( 2 / 82 ) .
فنسأل الله أن يصلح أحوال الأئمة والخطباء ، وأن يهديهم لما فيه صلاحهم وإصلاح غيرهم .
والله أعلم .
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

الأربعاء، 25 أغسطس 2010

من هو الجفري ؟


فتوى الشيخ محمد صالح المنجد في الجفري ,
من موقع الاسلام سؤال وجواب


سؤال:
دائماً أستمع إلى الشيخ " الجفري " ، ولكن قرأت في أحد المواقع أنه صوفي لا يجب الاستماع له ، فهل هذا صحيح ؟ أنيرونا ، وكيف لنا أن نميز المشايخ من هم على طريق السلف الصالح أم لا ؟ .

الجواب:

الحمد لله
أولاً:
الجفري هو :

علي بن عبد الرحمن بن علي بن محمد الجفري ، وُلد في المملكة العربية السعودية ، وفي " جُدَّة " تحديداً ، في عام 1391هـ الموافق 1971م ، وهو يحمل الجنسية اليمنية .

ومن أبرز مشايخه :

عبد القادر أحمد السقاف ، وأحمد بن طه الحداد ، وأبو بكر العطاس بن عبد الله الحبشي ، ومحمد علوي مالكي ، وكل هؤلاء من الصوفية ، وهم من أبناء " حضرموت " في أصلهم ، والأخير منهم هو من أبرز دعاة التصوف البدعي في زمننا هذا ، وله كتب في ذلك ، وقد ردَّ عليه بعض أئمة أهل السنَّة كالشيخين عبد العزيز بن باز ، وحمود التويجري رحمهما الله ، وقد صدرت في حقه فتاوى متعددة في زندقته ، وقبوريته ، وقد توفي في رمضان عام 1425 هـ .
ويدرِّس في " دار المصطفى " في منطقة " تريم " في اليمن ، وهذه المدرسة من الأربطة الصوفية التي تدرِّس التصوف ، ويفد إليها كثير من المسلمين من داخل اليمن ، ومن خارجه .
وهو متزوج ، وله 2 من الأبناء و 3 من البنات .
ويعرِّف نفسه فيقول : " سنِّي ! وعلى المعتقد الأشعري ! والمذهب الشافعي ، محب للتصوف في مسلكي ! " .

وهو يَظهر أمام الناس في القنوات الفضائية مبتسماً ، ويحاول أن يُظهر حسن الخلق والأدب ، ويختم مجالسه فيها بالدعاء والبكاء ! ، ولكن حقيقة هذا الرجل غير هذا ، وله مواقف سيئة مع أهل العلم من أهل السنَّة ، فيطعنهم ، ويشتمهم ، ويبدعهم ، ويضللهم ! .

ومن أمثلته :

1.قال عن الشيخ إحسان إلهي ظهير – رحمه الله - :
" وأيضاً أحد الباكستانين أو الهنود اسمه " إحسان إلهي ظهير " هذا إنسان نختلف معه في الرأي ، ونختلف معه في الاعتقاد ؛ لأن مذهبه منحرف " .
2. ويتهم مخالفيه من أهل السنة الذين ينكرون عليه الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من البدع ، يتهم بأنهم يكذبون في محبة النبي صلى الله عليه وسلم .
قال :
" المسألة وراءها شيء ... - إلى قوله - كذبتم والله لوأحببتموه ماقابلتموه بهذه الطريقة " .
3. ويتهم المخالفين له من العلماء بالعمالة ! وبالبدعة ! .
قال :
" عندما فشلوا في أن ينتزعونا من الدين بصراحة : دسوا إلينا من يتكلم باسم الدِّين ليستل الدين من قلوبنا ... - إلى قوله – لما أنكر بعض الجهلة من المبتدعة ... " ! .
ثانياً:
بدأ الجفري في الظهور على العالَم من خلال قناة " المحور " ، ثم ساهم طرد الحكومة المصرية له من مصر في انتشار صيته ، وتسابقت القنوات الصوفية والمميعة على استضافته ، والتمكين له لنشر تصوفه وخرافاته ، وهو من الذين اصطلح على تسميتهم " الدعاة الجدد " ، وهم الذين تسعى الدول الغربية وغيرها لتقديمهم للمسلمين على أنهم هم الذين يحملون الإسلام الصحيح ! وهؤلاء لا تسمع في حديثهم عن " الولاء والبراء " ، ولا عن " الجهاد " ، ولا يدافعون عن سنَّة ولا يدفعون بدعة ! ولقاءاتهم وحواراتهم في القنوات فيها النساء والموسيقى والبدعة .

ثالثاً:

وقد ساهم بعض أهل السنَّة الغيورين في إنشاء موقع على شبكة الإنترنت باسم " المجهر "

www.almijhar.net

، ويضم هذا الموقع الأخطاء والمخالفات التي صدرت من علي الجفري ، وفي مجمل أبواب الشريعة ، كالعقيدة ، والحديث ، والفقه ، وقد تمَّ توثيق هذه الأخطاء والمخالفات بصوته وصورته ، وهي تكشف حقيقة هذا الرجل ، وأنه في جانب العقيدة متصوف هالك ،

وفي جانب الفقه والحديث جاهل مدلِّس .

ومن أمثلة جهله وتدليسه في الحديث النبوي :

1. نسب لصحيح البخاري أن ابن عمر كان يتمسح برمانة المنبر ! .

والحديث ليس في البخاري ، بل ولا في الكتب الستة .

2. نسب لصحيح مسلم أن الصحابة كانوا يريدون دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند المنبر .
والحديث غير موجود فيه ، بل ولا في الكتب الستة .

3. زعم الجفري أن الهيثمي في كتابه " مجمع الزوائد " قد صحَّح حديثاً لأبي أيوب الأنصاري بأنه كان يسجد علي قبر نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ! ولم يصدق في زعمه .

4. زعم الجفري أنَّ الهيثمي في كتابه " مجمع الزوائد " قد صحَّح حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توسل بحقه وحق الأنبياء ! والواقع : أن الهيثمي قد ضعفه في كتابه .
وغير ذلك كثير .


رابعاً:

وبتجوال في موقع " المجهر " وسماع ما يقوله الجفري : تتبين عقيدته ، ويُعرف منهجه ، ومما جاء فيها بصوت الجفري نفسه :

1. يقول : إن القاعدة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يغيث بروحه من يستغيث به ! ويمكن أن يغيث أيضاً بجسده ! كما أن بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يغيث بروحه مليون شخص في نفس اللحظة ! .

2. يقول : إنه لا يستغرب خروج روح الولي الميت لكي تنفع بإذن الله من يستغيث بها .

3. يقول : إن الأساس أن الأولياء الأموات يغيثون بأرواحهم من يستغيث بهم ، ولا يمنع في اعتقاده أن يخرج جسد من قبره !.

4. يصرِّح بأن هناك مِن الأولياء مَن فوضهم الله في إدارة أمور الكون !! وأن عندهم إذن مسبق في التصرف في الكون !! وأنه بإمكانهم بإذن الله الرزق والإحياء والإماتة !.
5. يقول : إن مسألة خلق الطفل من غير أب مسألة خلافية بين العلماء ! .

وفي موضع آخر يقول : إن العلماء عنده اختلفوا في مسألة إمكانية أن يَخلق الولي لطفل من غير أب ، وأن السبب الذي جعل من يقول بإمتناع ذلك هو :
التحرز على الأنساب ! حتى لا تأتي امرأة حامل من الزنى فتدعي أن أحد الأولياء خلق هذا الطفل في بطنها، وإلا في الأصل هم متفقون على ذلك - أي على إمكانية أن يخلق الولي طفلا من غير أب ! .

وقد تمَّ الرد على ما سبق من ضلالات – وغيرها – بتفصيل علمي في رسالة بعنوان : " الكشف الجلي عن شركيات
الجفري علي ! " ،

وهذه الرسالة موجودة تحت هذا الربط :

http://saaid.net/feraq/sufyah/sh/2.htm
وفي الموقع رد بعنوان : " الرد على الجفري في بيان فساد استدلاله بآية النساء على معتقده الفاسد " ، والرد يوجد تحت هذا الرابط :
http://www.alradnet.com/TopHour/arti...2c5fbcdca30b3c
وفي موقع " المجهر " ردود صوتية من طائفة من علماء أهل السنَّة على " الجفري " ، ومنهم : الشيخ عبد الله الغنيمان ، والشيخ صالح الفوزان ، والشيخ عبد العزيز الراجحي .
وللشيخ حسن بن قارئ الحسيني ردود علمية قوية على الجفري ، وقد نقل كلامه بصوته في أشياء يُخجل منها ، كتعظيم المكث عند المزابل ! وأن ذلك وسيلة لتربية النفس ! ، فاسمع ذلك بصوته ، وغير ذلك ، والرد عليه في ردود الشيخ الحسيني ، وهي هنا :
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=40104
و :
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=53788
ونسأل الله تعالى أن يهديه للحق ، وأن يجعله داعية حق وخير ، وأن يجنبه البدعة والضلالة .

خامساً:

وعلى المسلمين أن يحذروا من دعاة الضلالة والبدعة والجهل ، ويمكنهم أن يعرفوا مثل هؤلاء بأمور ،
منها :

1. النظر في هيئته ، فبعض هؤلاء يخرج للناس يتكلم في حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي اتباع سنته ، وهو حالق للحيته ! وآخر يخففها حتى يكاد يكون حليقاً ، وآخر له لحية على ذقنه فقط ! .

2. النظر في البيئة التي يلقي فيها دروسه ومحاضراته ، فبعض أولئك يجهر بالمعصية أمام الملايين ، فيخرج يعلِّم الناس دينهم – في زعمه – والنساء المتبرجات أمام ناظريه ، ينظرن إليه ، وينظر إليهن ، ويجلسن بجانب شباب ينظر بعضهم إلى بعض ، وجميع المشاهدين يرونهن ! فكيف يوثق بمثل هذا الذي يجاهر بمعصيته أمام الملايين .

3. النظر في استدلال المتكلم ، فبعض هؤلاء لا يكاد يأتي بدليل من القرآن والسنَّة على كلامه ، بل كلامه إنشائي يخلو من الأدلة ، وإن جاء بدليل فيكون غير محقق فيخلط الصحيح بالضعيف ، ولا يفرق بين الصحيح والموضوع المكذوب .

4. سؤال من تثق بدينه وعلمه عن هذا الذي يتكلم في دين الله ، فإن زكَّاه لك : فخذ منه ، واسمع له ، وإلا فاحذره على دينك .
والله أعلم
http://www.soonaa.com/vb/showthread.php?t=604
__________________
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

حكم من صام رمضان وهو تارك للصلاة تهاوناً

حكم من صام رمضان وهو تارك للصلاة تهاوناً
بعض الشباب هداهم الله يتكاسلون عن الصلاة في رمضان وغيره، ولكنهم يحافظون على صيام رمضان ويتحملون العطش والجوع. فبماذا تنصحهم وما حكم صيامهم؟[1]


نصيحتي لهؤلاء أن يفكروا ملياً في أمرهم، وأن يعلموا أن الصلاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأن من لم يصل وترك الصلاة متهاوناً فإنه على القول الراجح عندي الذي تؤيده دلالة الكتاب والسنة أن يكون كافراً كفراً مخرجاً عن الملة، ومرتداً عن الإسلام، فالأمر ليس بالهين؛ لأن من كان كافراً مرتداً عن الإسلام لا يقبل منه لا صيام ولا صدقة ولا يقبل منه أي عمل؛ لقوله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ[2] فبين الله سبحانه وتعالى أن نفقاتهم مع أنها ذات نفع متعد للغير لا تقبل منهم مع كفرهم، وقال سبحانه وتعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا[3]، وهؤلاء الذين يصومون ولا يصلون لا يقبل صيامهم بل هو مردود عليهم ما دمنا نقول إنهم كفار، كما يدل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فنصيحتي لهم أن يتقوا الله عز وجل، وأن يحافظوا على الصلاة ويقوموا بها في أوقاتها ومع جماعة المسلمين، وأنا ضامن لهم بحول الله أنهم إذا فعلوا ذلك فسوف يجدون في قلوبهم الرغبة الأكيدة في رمضان وفيما بعد رمضان على أداء الصلاة في أوقاتها مع جماعة المسلمين، إن الإنسان إذا تاب إلى ربه وأقبل عليه وتاب إليه توبةً نصوحاً، فإنه قد يكون بعد التوبة خيراً منه قبلها، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن آدم عليه الصلاة والسلام أنه بعد أن حصل ما حصل منه من أكل الشجرة، قال الله تعالى: ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى[4].
[1] نشر في جريدة البلاد العدد (15378) وتاريخ 20/4/1419هـ.

[2] سورة التوبة، الآية 54.

[3] سورة الفرقان، الآية 23.

[4] سورة طه، الآية 122.



مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد التاسع والعشرون
موقع ابن باز
http://www.binbaz.org.sa/mat/4375

إقرأ المزيد... Résuméabuiyad