اليهودي وتعظيمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
أما بعد:أيها الأحبة الكرام في كل مكان على أرض المعمورة، يا أبناء عائشة رضي الله عنها وأرضاها, أيها البررة، قلنا في مقال سابق إنه ليس بغريب ولا عجيب أن كل مسلم ومسلمة, ومؤمن ومؤمنة صادق في إسلامه محسن في إيمانه, سليم في معتقده يحب أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها؛ وذلك لأن حبنا لها نفسي لها الفداء وعرضي لعرضها وقاء- من مقتضيات الإيمان الذي لا يكتمل إيمان العبد إلا به, ومن مظاهر الحب لها -رضي الله عنها- تعظيمنا لجنابها المقدس, والذب عن عرضها الطاهر المبرأ من فوق سبع سماوات، أقول لا عجب في هذا كله, لكن العجيب حقاً والغريب صدقاً أنك تجد -يا رعاك الله- من لا يدين بدين الإسلام, بل يعادي الإسلام وأهله في جميع أحواله إلا نزر قليل من هؤلاء, تجد من بين هؤلاء القوم الذين عُرفوا بحقدهم الدفين وكيدهم للإسلام وأهله، تجد مِن بعضهم مَن يعظم هذا الجناب المقدس لرسول الله صلى الله عليه وسلم, ويَكْبُرُ في نفسه أن يتبع ديناً يُسَبُ فيه نبيه, ويُتهم في عرضه ويُنْسَبُ إلى زوجتهِ الخنا والزنا والفجور, يَعْظُم في نفسه أن يُقَال ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى زوجته الطاهرة التقية النقية الحصان الرزان أم المؤمنين رضي الله عنها.
أتدرون هذا الرجل إلى أي ديانة ينتمي؟ وبأي دين يدين؟ إنه رجل يدين باليهودية، وكلنا نعرف ما مدى عداوة اليهود للإسلام والمسلمين، ومع ذلك فإن هذا اليهودي كَبُرَ في نفسه وَعَظُمَ في قلبه أن يُنَال من أم المؤمنين رضي الله عنها بسوء, فضلاً أن يُدَنس عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم ويُطْعن في شرفه ويوصم فراشه بما وصمه الأنجاس الأخباث أبناء الخنا، نِتاج السفاح الجماعي والتسافد البهيمي[1], والشهوة المسعورة, والمتعة المجنونة، الروافض اللقطاء الذين لا يُعرف لهم نسب يُرجعون إليه, ولا أب شرعي ينتسبون إليه, أمثال أكابر مجرميهم قديماً وحديثاً كالطوسي, والمفيد, ونقمة الله الجزائري, والمجلسي.... والسيستاني ومجتبى الشيرازي والمهاجر, وياسر الحبيب الخبيث وغيرهم من شرار القوم الذين هم على شاكلتهم قبحهم الله وقبح ما جاؤوا به, وأكبهم على وجوههم في نار جهنم, وحشرهم مع إمامهم وسيدهم وقدوتهم في الكفر عبد الله بن أبي بن سلول وابن السوداء اليهودي في نار وقودها الناس والحجارة في أسفل سافلين من دركاتها إذا ماتوا على ما هم عليه من كفر وفجور وزندقة ومجون. هذا اليهودي عندما عرض عليه أحد الروافض أن يدخل في الإسلام قال له كيف أتبع ديناً تُتهم زوجة نبي هذا الدين بالزنا والفجور, ويُسب أباها ويُسب أصحابه, والله لو علمت أن أحداً من اليهود يتهم زوجة موسى عليه السلام بما تتهمون به زوجة نبيكم والله لفارقت اليهودية وبحثت عن دين آخر, فهنا بهت الرافضي الذي كفر, ولم يستطع أن يهمس ببنت شفة, ولكنه رجع إلى عقله، وتداركه الله بواسع رحمته، وأعلنها مدوية في سماء الدنيا وقال لليهودي أمدد إلي يدك، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله, وأنا تائب عما كنت عليه من هذا الكفر العظيم, وعندها نطق اليهودي بالشهادة وفاز بالسعادة وحسن إسلامه. وإليك أيها المبارك، ويا عقلاء الشيعة -إن كان فيكم مسكة من عقل- إليكم قصة هذا اليهودي بالتفصيل، وكيف أسلم هذا الرافضي، وكيف كان تعظيم هذا اليهودي لجناب النبي صلى الله عليه وسلم المقدس, وكيف كان تعظيمه لأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وأترككم تستمتعون بالقصة.حكى الشَّيْخُ الإمام الحافظ ضياء الدِّين المقدسي رحمه الله قال: أخبرنا خالي الشيخ أبو عمرُ محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي -رحمه الله- إجازةً, قال: إن الشيخ المقرئ أبا بكر بن علي بن عبد الله الحرَّاني نزيلَ بغداد حدَّثه سنة سبع وتسعين وخمسمائة بمحلة الصَّالحين بسفح جبل قاسيون, قال: خرجتُ لزيارةِ قبرِ أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في آخر خلافة المستضيء أنا وجماعةٌ, فنزلنا على نقيب من نقباء الأشراف العلويين, فأكرَمنا, وأحسنَ إلينا, وكان هو متولّي الموضع, وإذا له خادم يهودي يتولى أمرَه, وخدمتَه, وكان الذي عرَّف بيننا وبينه رجلٌ هاشميٌّ كان صديقاً لنا, فلمَّا كنَّا في بعض الأيام جُلوساً عند النَّقيب العلوي؛ إذ قال له الهاشمي -ونحن نسمع-: أيُّها السيِّدُ النقيب! إنَّ أمورَك كلَّها حسنةٌ, وقد جمعتَ الشَّرف, والمروءة, والكرم إلا أننا أنكرنا استخدامَك لهذا اليهوديَّ, واستدناءَك إيَّاه مع مخالفتِه دينك, وأنت وهو كما قال بعضُهم:
إن الذي شُرِّفْتَ من أجِلِه يَـزعمُ هذا أنَّه كاذبٌ
أو كما قال, فكيف هذا؟
فقال النّقيب: هو كما تقولون, إلا أني اشتريتُ مماليك كثيرة وجواري, فما رأيتُ أحداً منهم وافقني, ولا وجدتُ فيهم أمانةً ونصحاً مثل هذا اليهودي, يقوم بأموري كلِّها مع الأمانةِ. فقال بعضُ الجماعة: فإذا كان على هذه الصِّفة؛ فأعْرِضْ عليه الإسلام, فلعلَّه يسلم. قال: فأرسَل إليه, فلمَّا جاء قال له بعضُ الجماعة: قد دعوناك لكذا, كذا. فقال اليهوديُّّ: واللهِ لقد عرفتُ حين دعوتموني ما تُريدونَ منِّي. فقلنا له: إنَّ هذا النقيب قد عرفتَ فضلَه, وبيتَه, ورئاستَه, وهو يُحبُّك! فقال اليهوديُّ: أنا أيضاً أُحبُّه! فقلنا له: فلمَ لا تتبعهُ على دينه؟ وتدخلُ في الإسلام. فقال اليهوديُّ: قد علمتُم أني أعتقد أن عُزيراً نبيٌّ كريم -أو قال: موسى صلوات الله عليه - ولو علمتُ: أن في اليهود من يتَّهم زوجة نبي بسوءٍ, ويسبُّ أباها ويسبُ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما اتبعت دينَهم, فإذا أسلمت أنا لِمَنْ أتَّبع؟ فقال الهاشميُّ: تتبع النَّقيب الذي أنتَ في خدمته.
فقال اليهودي: ما أرضى هذا لنفسي! قال: ولِمَ؟ قال: لأن النقيب يقول في زوجة نبيهِ عائشة ما يقول, ويسبُّ أباها, وأصحاب نبيِّه, فلا أرضى هذا لنفسي أن أتبعَ دين محمد, وأقذف زوجتَه, وأسبُّ أصحابه, فرأيتُ أن ديني دين اليهود خيرٌ من دينه. قال: فوَجمَ النقيبُ, وأطرق إلى الأرض ساعة, ثم فع رأسه, وقال لليهوديِّ: صدقتَ! مُدَّ يَدَك, أنا أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهدُ أن محمداً رسول الله, إني تائبٌ عمَّا كنتُ عليه من هذا الأمر الذي ذكرت. فقال اليهوديُّ عندَ ذلك: وأنا أيضاً أشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له, وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسوله, وأنَّ كل دين غيرَ الإسلام باطل, وأسلم, وحسن إسلامه, وتاب النقيب عن الرَّفض, وحسنت توبته" أ . هـ .
فانظر -رحمك الله ! - هذه الحكاية الحسنة, وما فيها من الموعظة لمن له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد. وكيف يسع مسلم يدَّعي الإيمان باللهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبَّته, وموالاته, ثمَّ يطعن في أزواجه وأصحابه مع نصه صلى الله عليه وسلم على أنَّها رضي الله عنها وأباها أحبُّ الناس إليه؟!. كما ثبت في ((صحيح البخاريّ)) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: "عائشة" قلت: ومن الرجال. قال: "أبوها"[2]. أو ما سمعت قول الله -عزَّ وجلًّ -{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }(النور الآية (23))
فأيُّ وعيد أعظم من هذا, وهذا في حقِّها -رضي الله عنها- إذ هي أمُّ المؤمنات المحصنات منزلةً عند الله وعندَ رسوله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمَّة.
وعدَ اللهُ -عز َّ وجلَّ- من رماها بالفجور باللعنة في الدُّنيا والآخرة, والعذاب العظيم في الآخرة؛ إلا أن يتوب إلى الله عزَّ وجلًّ.
والله في القرآن قد لعن الذي بعد البراءة بالقبيح رماني
والله وبخ من أراد تنقصي إفكاً وسّبح نفسه في شاني
أتظن الرافضة أنَّ فراسة النبوة تُخطئ, كلا والله المعطي! ولقد قدَّمها على النساء بمزيةٍ كفضل الثريد على سائر الطعام -يعني : ثريد اللحم- قال صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"[3]. وكشف عن بصرها, حتى أبصرت جبريل -عليه السلام- فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: سلَّم عليها! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة! هذا جبريل يَقرأُ عليك السَّلام"[4], عجباً لجبريل -عليه السلام- واجه مريم بالخطاب, واحترم ذلك الجناب, وما ذاك إلا لأن مريم كانت من الأزواج خالية, وهذه بنسبة الرسول صلى الله عليه وسلم حالية, فمن احترمها -لبيان صيانتها- جبريلُ؛ كيف يصحّ عليها الزُّور والأباطيل؟
إني لمحصنة الإزار بريئة ودليل حسن طهارتي إحصاني
والله أحصنني بخاتم رسله وأذل أهل الإفك والبهتان
حَصَان رزانٌ ما تُزنُ بريبةٍ وتُصبحُ غرثى من لحوم الغوافل
عقيلة حيٍّ من لؤيّ بن غالب كرام المداعي مجدُهم غير زائلِ
مُهذبة قد طيّبَ الله خيْمها وطهّرها من كل بغيٍ وباطلِ
فإن كان ما قد قيل عني قلته فلا رفعتْ سوطي إليَّ أناملي
وإن الذي قد قيل ليس بلائطٍ بها الدهر بل قول امرئٍ بي ماحلِ
وكيف وودّي ما حييتُ ونصرتي لآل رسول الله زين المحافلِ
رأيتُك وليغفر لك الله حُرّةً من المحصناتِ الغرّ ذاتِ غوائلِ
وتكلم الله العظيم بحجتي وبراءتي في محكم القرآن
والله عظمني وعظم حُرمتي وعلى لسان نبيه براني
وأشكو فريةً من صُنع ِقوم ٍ تزول لها سموات وتُرْعِد
بطعن في التي برئتْ بقولٍ من الرحمن من وحي مُؤيد
وطعن في التي الله اصطفاها وطهرها لتصبح زوج أحمد
وأم المؤمنين وبنت من قد مع المختار في الغار تَعبّد
ومن نقلت لنا سنناً وحكماً ومن حملت لنا عِلماً تعدد
ومن كانت لخير الناس حِبٌّ سلو التاريخ يُنْبِيكمُ ويشْهد
ألا إن الخسارة فقْدُ دينٍ وسيرٌ خلفَ أهواءٍ تُمجّد
وتسليم العقول بلا حساب لأصحاب العمائم كي تُبدد
فيا عجباً لإبْنٍ جاء بغياً تمتَّع والداه فجاء يَحْسِد
ويرمي أمنا بالفحش زوراً فَشُلّ لسان من يرمي ويحْقِد
وصاحب عِمّةٍ سوداء بغلٌ يُفخذُ طفلة في المهد ترقد
يُحِلُّ لهم فعائل قوم لوط ويُسْلب خُمْسهم سُحتاً ويحشد
وإن يوماً مررتَ برافضي فأكرم وجهه بصقاً وسدد [5]
نعم أحبتي في الله أبناء عائشة رضي الله عنها
وإن يوماً مررتَ برافضي فأكرم وجهه بصقاً وسدد
ورددوا معي هذه الكلمات العذب الرقراق
أماه لا تحزني فالله برّاكِ أماه لا تحزني فالرب يرعاكِ
أماه لا تحزني فالله يحميكِ أماه لا تحزني فالعين تبكيكِ
أماه لا تحزني فالقلب يغليكِ أماه لا تحزني فالكل يفديك
لكن علينا أيها الأحبة يا أبناء عائشة البررة في كل مكان فوق كل أرض وتحت كل سماء