فهرس المدونة

الأربعاء، 26 يناير 2011

تعرف على الإسماعيلية


التعريف :



الإسماعيلية فرقة باطنية، انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق، ظاهرها التشيع لآل البيت، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر، وحقيقتها تخالف العقائد الإسلامية الصحيحة، وقد مالت إلى الغلوِّ الشديد لدرجة أن الشيعة الاثني عشرية يكفِّرون أعضاءَهَا.

فرق الإسماعيلية :

ظهر التفرق في طائفة الإسماعيلية كسائر فرق الشيعة منذ نشأتها حيث نجد هذه المصطلحات والأسماء الآتية في كتب الفرق وكلها تدل على فرق عديدة وانشقاقات في داخل فرقة الإسماعيلية وهذه طبيعة السبل التي نهانا الله عنها وحذرنا من أتباعها كما قال تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [ الأنعام: 153]،
وهذه الفرق حسب أسمائها في كتب المقالات على النحو الآتي:

الإسماعيلية الخالصة:

وهم الذين قالوا: إن الإمام بعد جعفر ابنه إسماعيل بن جعفر وأنكروا موت إسماعيل في حياة أبيه وقالوا إن ذلك على جهة التلبيس لأنه خاف عليه فغيبه عنهم وزعموا أن إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض ويقوم بأمور الناس وأنه هو القائم لأن أباه أشار إليه بالإمامة بعده وقلدهم ذلك له وأخبرهم أنه صاحبهم وهذه الفرقة تنتظر إسماعيل بن جعفر وجزم كل من الأشعري القمي والنوبختي إلى أن هذه الفرقة هي الخطابية أتباع أبي الخطاب قبل موته ولما توفى أبو الخطاب انضم أتباعه إلى الإسماعيلية وقالوا بإمامة إسماعيل في حياة أبيه مع إنكارهم لموته في تلك الفترة.

الإسماعيلية المباركية أو الإسماعيلية الثانية:

وهم القائلون : بأن الإمام بعد جعفر هو محمد بن إسماعيل بن جعفر وأمه أم ولد وقالوا إن الأمر كان لإسماعيل في حياة أبيه فلما توفي قبل أبيه جعل جعفر بن محمد الأمر لمحمد بن إسماعيل وكان الحق له ولا يجوز غير ذلك لأنها لا تنتقل من أخ إلى أخ بعد الحسن والحسين رضي الله عنهما ولا يكون الإمام إلا في العقاب ولم يكن لأخوة إسماعيل عبدالله وموسى في الإمامة حق كما لم يكن لمحمد ابن الحنفية فيها حق مع علي بن الحسن وأصحاب هذه المقالة يسمون المباركية نسبة إلى رئيس لهم يسمى المبارك كان مولى لإسماعيل بن جعفر

أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي - 2/352


3ـ فرقة القرامطة:

فرقة باطنية ثورية انشقت عن حركتها الأم الإسماعيلية وأصبحت فرعا من فروعها وسموا بالقرامطة نسبة إلى زعيمها وداعيتها الأول (حمدان قرمط) الذي يقول عنه الغزالي: كان حمدان أحد دعاة الباطنية في الابتداء حيث استجاب له في دعوته رجال فسموا قرامطة وقرمطية ودار بينهما محاورة دعوية استجاب فيها حمدان لجميع ما دعاه إليه هذا الباطني ومنها أخذه العهد والميثاق على حمدان بالبيعة للإمام الإسماعيلي والتزام سر الإمام وسر هذا الداعية ومن ثم انتدب حمدان للدعوة وصار أصلا من أصولها

(أصول الإسماعيلية لسليمان عبد الله السلومي – 2/353 )


4ـ فرقة الدروز:


هذه الفرقة من فرق الباطنية الإسماعيلية التي جاهرت بالغلو في شخصية الحاكم فانشقت عن المذهب الإسماعيلي ورغم انشقاقها وتفردها ببعض المعتقدات فإنها بلا شك وليدة الدعوة الإسماعيلية وبتعبير أدق جناحا من أجنحتها.

أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – 2/ 358


الإسماعيلية المستعلية:

يعتبر انقسام الطائفة الإسماعيلية إلى مستعلية ونزارية أضخم انقسام وافتراق منذ تأسيسها وبدايتها إلى عصرنا الحاضر حيث اتجهت كل فرقة إلى إمام من أئمتها في فترة الظهور وتمسكت به وبإمامة نسله من بعده إن كان له نسل أو عقب وحدث من جراء هذا الانقسام أن أصبح لكل فرقة كتب خاصة بها لأن لكل فرقة دعاة خاصين ومنظمين فكريين بل أصبح بعد ذلك لكل فرقة دولة خاصة بها ولا أدل على ذلك من دولة الصليحيين في اليمن والتي تمثل الإسماعيلية المستعلية ودولة الصباحيين أو الحشاشين في ألموت وجنوب فارس والتي تمثل الإسماعيلية النزارية.وبداية هذا الانقسام وسببه كما ذكرنا سابقا أن المستنصر العبيدي (الإمام الثامن من أئمة الظهور عند الإسماعيلية) لما مات في ذي الحجة من عام 487هـ أقام الأفضل ابن بدر أمير الجيوش ابنه المستعلي بالله بن المستنصر واسمه أبو القاسم أحمد للإمامة والحكم وخالفه في ذلك أخوه نزار بن المستنصر وبعد مناوشات بينهما فر إلى الإسكندرية ثم حاربه الأفضل حتى ظفر به فقتله ثم أمر الأفضل الناس بتقبيل الأرض وقال لهم قبلوا الأرض لمولانا المستعلي بالله وبايعوه فهو الذي نص عليه الإمام المستنصر قبل وفاته بالخلافة من بعده تعرف الإسماعيلية .وبذلك انقسمت الإسماعيلية إلى مستعلية أتباع المستعلي
ونزارية أتباع نزار
والحديث الآن عن المستعلية حيث يسمون بهذا الاسم نسبة إلى القول بإمامة المستعلي مع إنكار إمامة نزار بن المستنصر ويقولون إنه نازع الحق أهله من حيث أن الحق في الإمامة والخلافة كان لإمامهم المستعلي فادعاه لنفسه ويقولون إن شيعته على الباطل ويرون من الضلال اتباع الحسن الصباح داعية نزار والناقل عن المستنصر النص على إمامته تعرف الإسماعيلية .
ومن أسماء هذه الفرقة فيما بعد :
الطيبية نسبة إلى الطيب ابن الآمر المزعوم.
الذي سبق أن ذكرنا ادعاء الملكة أروى الصليحية إمامته وكفالتها له.
وبعد ذلك أطلق عليهم لقب الإسماعيلية الطيبية لزعمهم بإمامته وإمامة نسله المستورين من بعده كما يطلق على هذه الفرقة الإسماعيلية الغريبة وهؤلاء هم إسماعيلية مصر واليمن وبعض بلاد الشام تمييز لهم عن الإسماعيلية الشرقية إسماعيلية بلاد فارس أصحاب الحسن الصباح تعرف الإسماعيلية .
وتبنى هذه الفرقة وأبقاها الدولة الصليحية الذين حاولوا نشرها وبسطها في بلاد اليمن حتى انقرضت الدولة الصليحية عام 563هـ ولم يقم أتباع هذه الفرقة بأي نشاط سياسي يذكر ونراهم اتجهوا بعد ذلك اتجاها جديدا هو التجارة والاقتصاد واتخذوا التقية والستر – كعادتهم في التمويه – أسلوبا في نقل الدعوة الإسماعيلية المستعلية الطيبية إلى شبه القارة الهندية وظهر لهم لقب جديد ومسمى يتناسب مع مهنتهم وهو (البهرة) وسبب ذلك أنه عندما اعتنق جماعة من الهندوس الدعوة الإسماعيلية الطيبية وكثر عددهم في الهند عرفت الدعوة بينهم باسم البهرة وهي كلمة هندية قديمة معناها التاجر

البهرة: عندما اعتنق جماعة من الهندوس الدعوة الإسماعيلية الطيبية وكثر عددهم في الهند عرفت الدعوة باسم البهرة الذي يرمز إلى مهنتهم التي اشتهروا بها وهي التجارة حيث انصرفوا لها وحاولوا نشر عقيدتهم عن طريقها ولذا نجد أن دعوتهم انتشرت في أقطار متعددة نتيجة جهل الشعوب الإسلامية بهذه الدعوة الباطنية وعدم فهم الإسلام فهما صحيحا فلهم أتباع في بلاد الهند والباكستان وعدن كما يوجد عدد منهم في اليمن الشمالي في جبال حراز ولا زال يطلق عليه اسمهم الحقيقي والأصلي حيث يدعون بالقرامطة والباطنية ومن آثارها – كما يقول النشارقبيلة يام وهي إلى اليوم باطنية تنتمي إلى بهرة الهند تعرف الإسماعيلية .
ويشتهر البهرة بالتعصب الشديد لمذهبهم وعقيدتهم وتقاليدهم التي ورثوها من قادتهم وزعمائهم (إسماعيلية اليمن المعروفين بالصليحيين) فهم يحافظون عليها محافظة تامة ولا يقبلون تبديلا لتلك التقاليد أو تطويرها ومن مظاهر ذلك:

الزي الخاص بهم رجالا ونساء حتى أن الناظر المتمعن فيهم يعرف البهري من غيره.

لهم أماكن خاصة للعبادة لا يدخلها غيرهم أطلقوا عليها اسم جامع خانة فهم لا يؤدون فريضة الصلاة إلا في الجامع خانة مع رفضهم لإقامة الصلاة في المساجد التي لغيرهم من المسلمين.
(وقد شاهدت مرارا وتكرارا البهريين يخرجون من المسجد الحرام عند إقامة الصلاة ويذهبون لأدائها في رباط لهم يسمى (الرباط السيفي) يقع بالقرب من الحرم المكي في الجهة الجنوبية)

الحرص الشديد على ستر عقائدهم المذهبية الباطنية إما في الظاهر فإنهم قد يشاركون المسلمين في أداء بعض الفرائض والأركان تعرف الإسماعيلية .
ورغم اتفاق البهرة ظاهريا مع غيرهم من المسلمين في العبادات والشعائر فإنهم يعتقدون عقائد باطنية بعيدة كل البعد عند معتقد أهل السنة والجماعة فهم مثلا يؤدون الصلاة كما يؤديها المسلمون ويحافظون على حدودها وأركانها كالمسلمين تماما ولكنهم يقولون إن صلاتهم هذه للإمام المستور من نسل الطيب بن الآمر ويؤدون شعائر الحج كما يؤديها المسلمون ولكنهم يقولون إن الكعبة التي يطوفون حولها هي رمز للإمام وهكذا يذهبون في عقائدهم مذهبا باطنيا يلتقي مع التيار الباطني العام تعرف الإسماعيلية .

وفي القرن العاشر الهجري انقسم البهرة إلى طائفتين :
تسمى إحداهما بالداودية
والأخرى بالسليمانية
ويرجع هذا الانقسام إلى الخلاف على من يتولى مرتبة الداعي المطلق للطائفة.فالفرقة الداودية تنتسب إلى الداعي السابع والعشرين من سلسلة دعاة الفرقة المستعلية الطيبية ويسمى بقطب شاه داوود برهان الدين المتوفى سنة 1021هـ وهم الأكثرية وهم بهرة كجرات ولذا أصبح مركز دعوتهم في الهند حيث يقيم داعيتهم الآن وهو طاهر سيف الدين في مدينة بومباي ويعتبر الداعي الحادي والخمسين من سلسلة الدعاة حيث بينه وبين الداعي الذي تنتسب إليه الداودية اثنان وعشرون داعيا ذكرهم العزاوي بالترتيب في مقدمته سمط الحقائق تعرف الإسماعيلية .
أما الفرقة السليمانية فتنتسب إلى الداعي سليمان بن الحسن الذي أبى أتباعه الاعتراف بداوود بدعوى عجب شاه اختار سليمان وأعطاه وثيقة بذلك ويدعي جماعته أنها لا تزال عندهم تلك الوثيقة وتبعه شرذمة قليلة نسبوا إليه ويتواجدون في اليمن ورئيسها الحالي علي بن الحسن ومحل إقامته بنجران جنوبي السعودية وهذه الطائفة منتشرة في قبائل بني يام باليمن وبعض أفراده مقيمون في الهند والباكستان تعرف الإسماعيلية . وكلا الداعيان برتبة (داع مطلق) وهي مرتبة وراثية تنتقل من أب إلى ابن وصاحبها يتمتع بنفس الصفات التي كان يوصف بها الأئمة على أنها صفات مكتسبة وليست ذاتية تعرف الإسماعيلية . ومما يدل على استعباد هؤلاء الدعاة لأتباعهم وخضوعهم لهم كما يخضعون للأئمة المظاهر التالية:

تعظيم دعاتهم المطلقين وتحيتهم بانحناء الرؤوس وتقبيل الأرض بين يديهم حتى ليكادوا يسجدوا لهم كما يعتقدون أنه – أي الداعي المطلق – كالمعصوم لا يخطئ ولا يضل أبدا وطاعته واجبة تعرف الإسماعيلية .

تقديس الأتباع لزعيمهم حتى أنه استخف بهم وأخذ يصنع الصكوك لأتباعه على قطع في الجنة وهذا مما نقل عن علي بن الحسن زعيم المكارمة في نجران تعرف الإسماعيلية .

تأليه الأئمة أو الداعي المطلق الذي يحل محله وأدل شيء على ذلك ما نقله لنا الدكتور محمد كامل حسين في طائفة الإسماعيلية عن محاورة جرت بينه وبين أحد زعماء الأغاخنية في العصر الحاضر ونصها قوله لأغاخان:
لقد أدهشتني بثقافتك وعقليتك فكيف تسمح لأتباعك أن يدعوك إله؟
فضحك طويلا جدا وعلت قهقهاته ودمعت عيناه من كثرة الضحك ثم قال: هل تريد الإجابة عن هذا السؤال. ؟
إن القوم في الهند يعبدون البقرة ألست خيرا من البقرة تعرف الإسماعيلية . وهذا وإن كان حدثنا لزعيم الأغاخانية إلا أن زعيم البهرة كذلك حيث يعبده أتباعه ويؤلهونه تعرف الإسماعيلية .

(أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – 2/ 362 )


الإسماعيلية النزارية (الحشاشون) :

يعتبر الإسماعيليون النزاريون طائفة وفرقة من أكبر الطوائف والفرق الإسماعيلية في العصر الحاضر حيث بدأ انفصال هذه الفرقة وتكونها بعد وفاة المستنصر عام سبع وثمانين وأربعمائة هجرية وكان حسب تقاليد الإسماعيلية قد نص على إمامة ابنه نزار لكن الوزير الجمالي صرف النص إلى أخيه المستعلي – ابن أخت الوزير – كما سبق أن ذكرنا ذلك تفصيلا وحصل من جراء ذلك انقسام الإسماعيلية إلى :
مستعلية ونزارية
وعلى الرغم من القضاء على نزار وقتله في الإسكندرية على يد وزير المستعلي الأفضل بن بدر الجمالي ولم يكن له عقب مستتر أو ظاهر على الرغم من ذلك فإن أحد دعاة الإسماعيلية ويدعى بالحسن الصباح انتصر لنزار وأصبح يدعو له ولأبنائه من بعده وجعل نفسه نائبا للإمام المستور من ولد نزار وأصبح يدعو له وبذلك تكونت هذه الفرقة وأصبح يطلق عليها الإسماعيلية النزارية نسبة إلى نزار بن المستنصر كما يطلق عليها اسم الدعوة الجديدة تمييزا لها عن الدعوة الإسماعيلية الأولى كما يطلق عليها الإسماعيلية الشرقية نسبة إلى مكان ظهورها وانتشارها وإشارة إلى انفصالها عن الإسماعيلية الأم والتي تسمى بالإسماعيلية الغربية تعرف الإسماعيلية . ويسميها بعض الكتّاب المعاصرين بإسماعيلية إيران نسبة إلى مكانها تعرف الإسماعيلية .
،وجميع هذه المسميات دالة عليها ومحددة لها وقد عاصر ظهور هذه الفرقة عالمان كبيران تولى كل واحد منهما فضح هذه الفرقة وبيان باطنيتها وشدة خطرها وعظم ضررها على الإسلام والمسلمين وهما:
الإمام الغزالي الذي ألف كتابه (فضائح الباطنية) والشهرستاني الذي أفرد لهم حديثا خاصا بهم عند قوله ثم إن أصحاب الدعوة الجديدة.. إلخ تعرف الإسماعيلية .

،وحفاظا على بقاء هذه الفرقة وإظهارها ادعى منظموها أن لنزار بن المستعلي ولدا ثم له نسلا استمرت الإمامة فيهم وبقيت ولكنهم – أي النزاريون – فيما بعد كذبوا أنفسهم حيث ادعوا الإمامة للحسن الصباح ومن جاء بعده ممن خلفه في قيادة دولة الحشاشين أو الفدائيين ولا أدل على ذلك من ادعاء الحسن الثاني من نسل الحسن الصباح في عام 559هـ أنه هو الإمام من نسل نزار بن المستنصر وأصبح اسمه لا يذكر إلا مقرونا (على ذكره السلام) كما يطلق في العادة في الأئمة المستقرين وبذلك أصبح حكام ألموت بعد الحسن الثاني والذين جاءوا بعده من النسب الفاطمي وهكذا أتى الحسن الثاني – كما يقول بدوي – بثلاثة تجديدات ما لبث النزارية في كل مكان أن قبلوها على درجات متفاوتة وأولها أنه أعلن نفسه خليفة لله في أرضه ولم يعد مجرد داع كما كان أسلافه تعرف الإسماعيلية .
ويعتبر الحسن الصباح العقل المدبر الذي نظم هذه الطائفة ووجهها ومن ثم نشرها في بلاد فارس مما نتج عن هذه الجهود قيام دولة الحشاشين أو الفدائيين كما سنفصل القول إن شاء الله في دولتهم عند الحديث عن دول الإسماعيلية في آخر هذا الفصل.
وبعد أن بدأت دولة الحشاشيين أو الإسماعيلية النزارية في ألموت في الأفول ظهر داعية إسماعيلي نزاري في بلاد الشام واسمه راشد الدين سنان ويلقب بشيخ الجبال وحاول تجميع طائفة الإسماعيلية من جديد حيث أن دعوة الإسماعيلية في بلاد الشام ترجع إلى وقت مبكر ولاسيما في مدينة سلمية التي كانت مقرا للأئمة المستورين والإمام الظاهر عبيد الله المهدي.
ومن أساليبهم التي حاولوا بها نشر مذهبهم وتقوية سلطتهم :
الاستيلاء على الحصون والقلاع ولذا يقول الدكتور محمد كامل حسين:
وما زال الإسماعيلية النزارية في الشام يشترون الحصون أو يستولون عليها حتى بلغ عدد حصونهم الرئيسة في الشام في القرن السابع للهجرة ثمانية حصون هي القدموس ومصياف وبانياس والكهف والخوابي والمنيقة والقليقة والرصافة ثم يضيف قائلا: وازدادت قوة الإسماعيلية بالشام بظهور شخصية فذة وداعية داهية في سياسته وفي مواهبه وحكمته وهو (راشد الدين سنان) الذي استطاع بمقدرته وكفايته أن يجمع كل إسماعيلية الشام فقد كان الإسماعيلية في الشام يدينون بإمامة أصحاب قلعة ألموت في فارس فجاء سنان وكون مذهب السنانية واعترفوا بإمامته غير أنهم عادوا بعد موته إلى طاعة الأئمة بألموت وبالرغم من تحولهم هذا فإن إسماعيلية الشام إلى الآن يذكرون الإمام راشد الدين على أنه أعظم شخصياتهم على الإطلاق تعرف الإسماعيلية .وقد تعاصر شيخ الجبل مع القائد المجاهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وكانت بينهما مساجلات كلامية حادة في أول الأمر ولكن صلاح الدين رحمه الله لما تبين له أنهم بقيادة شيخ الجبل يبيتون له ولجنده من أهل السنة أمرا ويضمرون لهم شرا حيث حاول عدد من الإسماعيلية اغتيال صلاح الدين بعد ذلك عزم على قتالهم والقضاء عليهم ففي سنة 572هـ قصد صلاح الدين بلد الإسماعيليين وانتصر عليهم كما حصر قلعة مصياف واضطروا بعد ذلك إلى طلب الصلح. تعرف الإسماعيلية
.وظل أمر الإسماعيلية النزارية في الشام بعد ذلك يضعف تارة ويقوى تارة أخرى إلى أن استسلمت آخر قلاعهم للظاهر بيبرس عام 672هـ وخفت أمرهم من الحياة السياسية حتى لم يسمع عنهم شيئا ولم تنقل الكتب التاريخية عنهم أحداثا تذكر ويبدو أن لجأوا إلى التقية والدعوة سرا إلى أن ظهر في إيران رجل شيعي يدعى حسن علي شاه ما بين سنة 1219هـ إلى سنة 1298هـ جمع حوله عددا من الإسماعيلية وغيرهم وقام بأعمال هدد بها الأمن وأقلق بها السلطات. في إيران حتى ذاع صيته وأصبح أسطورة على ألسنة الناس وانضمت إليه جماعات كثيرة إعجابا به أو طمعا في مكاسب آلية تأتيهم عن طريقه وواكب ظهور هذه الثورة التي هددت الأسرة القاجارية الحاكمة في إيران ظهور الإنجليز كقوة لها مطامع في بلاد فارس ومن ثم اتصلوا بحسن علي شاه وعضدوه ومنوه حكم فارس وفعلا قام حسن علي شاه بثوره عام 1840م كانت نهايتها الفشل والقبض على قائدها ولكن الإنجليز تدخلوا وحصلوا على أمر بالإفراج عنه بشرط أن يجلو عن إيران كلها وزين له الإنجليز الذهاب إلى أفغانستان ليكون صنيعة لهم هناك ولكن الأفغانيين كشفوا عن هويته واضطروه إلى الرحيل إلى الهند واتخذ من مدينة بومباي مقرا له وأراد الإنجليز أن يستفيدوا منه مرة أخرى ومن ثم اعترفوا به إماما للطائفة الإسماعيلية النزارية وخلعوا عليه لقب أغاخان ومنحوه السلطة المطلقة على أتباعه الإسماعيلية فالتف حوله الإسماعيلية في الهند تعرف الإسماعيلية .
وهذا بلا شك منعطف جديد أو تلفيق في انقطاع أئمة الإسماعيلية عموما والنزارية بوجه خاص حيث أن أمر النزارية انتهى بانتهاء أئمة وحكام ألموت عام 654هـ ولكن الاستعمار الإنجليزي لفق لهم هذه الشخصية المجهولة نسبا ودينا يصف الدكتور محمد حسين مشاعر الإسماعيليين وبداية هذه المسميات والألقاب عند ظهور هذا الرجل بقوله فتجمع – حول المدعو حسن علي شاه الملقب بأغا خان- الإسماعيلية في الهند وفرحوا بظهور شأنهم بعد أن ظلوا مغمورين طوال هذه القرون وبظهور إمامهم الذي ظل في الستر والكتمان مئات السنين! !فرأى حسن علي شاه أو أغاخان نفسه بين جماعة يطيعونه طاعة تدين دون أن يكون لهم غرض مادي فقوي نفوذه بينهم وأصبح كأنه سلطانهم الفعلي فأخذ ينظم شؤونهم إلى أن توفى عام 1298هـ وبذلك وجدت الأسرة الأغاخانية وصارت لهم إمامة الإسماعيلية النزارية وانتسبوا إلى الإمام نزار بن المستنصر بالله الفاطمي ومؤسس هذه الأسرة هو حسن علي شاه وهو أول إمام إسماعيلي لقب بأغاخان .
ومن هنا أطلق على الإسماعيلية في العصر الحاضر (الأغاخانية) فكما أن طائفة البهرة امتدادا للإسماعيلية المستعلية فكذلك طائفة الأغاخانية امتداد للإسماعيلية النزارية.

الموضوع الأصلي: تعرف على الإسماعيلية || الكاتب: فجر الأمل || المصدر: ملتقى السنة
إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

الاثنين، 10 يناير 2011

http://www.soonaa.com/play.php?catsmktba=9579

إقرأ المزيد... Résuméabuiyad

السبت، 1 يناير 2011

اليهودي وتعظيمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها



اليهودي وتعظيمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

الحمد لله المعز لأوليائه, المذل لأعدائه, كثير النعم, وسريع النقم, خيره وفضله نازل لعباده المؤمنين, وبأسه وانتقامه لا يُرد عن القوم المجرمين الأفاكين, فسبحانه من إله عظيم بر رحيم بالمؤمنين الطائعين, وجبار منتقم بالكافرين المكذبين لآيات رب العالمين.والصلاة والسلام على خير البرية, ومدكدك أركان الوثنية، ورافع لواء التوحيد والأمر الرشيد نبينا محمد الهادي البشير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين المبرئين من كل أمر يُشين, والصحابة الغرِّ الميامين, والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد:أيها الأحبة الكرام في كل مكان على أرض المعمورة، يا أبناء عائشة رضي الله عنها وأرضاها, أيها البررة، قلنا في مقال سابق إنه ليس بغريب ولا عجيب أن كل مسلم ومسلمة, ومؤمن ومؤمنة صادق في إسلامه محسن في إيمانه, سليم في معتقده يحب أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها؛ وذلك لأن حبنا لها نفسي لها الفداء وعرضي لعرضها وقاء- من مقتضيات الإيمان الذي لا يكتمل إيمان العبد إلا به, ومن مظاهر الحب لها -رضي الله عنها- تعظيمنا لجنابها المقدس, والذب عن عرضها الطاهر المبرأ من فوق سبع سماوات، أقول لا عجب في هذا كله, لكن العجيب حقاً والغريب صدقاً أنك تجد -يا رعاك الله- من لا يدين بدين الإسلام, بل يعادي الإسلام وأهله في جميع أحواله إلا نزر قليل من هؤلاء, تجد من بين هؤلاء القوم الذين عُرفوا بحقدهم الدفين وكيدهم للإسلام وأهله، تجد مِن بعضهم مَن يعظم هذا الجناب المقدس لرسول الله صلى الله عليه وسلم, ويَكْبُرُ في نفسه أن يتبع ديناً يُسَبُ فيه نبيه, ويُتهم في عرضه ويُنْسَبُ إلى زوجتهِ الخنا والزنا والفجور, يَعْظُم في نفسه أن يُقَال ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى زوجته الطاهرة التقية النقية الحصان الرزان أم المؤمنين رضي الله عنها.


أتدرون هذا الرجل إلى أي ديانة ينتمي؟ وبأي دين يدين؟ إنه رجل يدين باليهودية، وكلنا نعرف ما مدى عداوة اليهود للإسلام والمسلمين، ومع ذلك فإن هذا اليهودي كَبُرَ في نفسه وَعَظُمَ في قلبه أن يُنَال من أم المؤمنين رضي الله عنها بسوء, فضلاً أن يُدَنس عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم ويُطْعن في شرفه ويوصم فراشه بما وصمه الأنجاس الأخباث أبناء الخنا، نِتاج السفاح الجماعي والتسافد البهيمي[1], والشهوة المسعورة, والمتعة المجنونة، الروافض اللقطاء الذين لا يُعرف لهم نسب يُرجعون إليه, ولا أب شرعي ينتسبون إليه, أمثال أكابر مجرميهم قديماً وحديثاً كالطوسي, والمفيد, ونقمة الله الجزائري, والمجلسي.... والسيستاني ومجتبى الشيرازي والمهاجر, وياسر الحبيب الخبيث وغيرهم من شرار القوم الذين هم على شاكلتهم قبحهم الله وقبح ما جاؤوا به, وأكبهم على وجوههم في نار جهنم, وحشرهم مع إمامهم وسيدهم وقدوتهم في الكفر عبد الله بن أبي بن سلول وابن السوداء اليهودي في نار وقودها الناس والحجارة في أسفل سافلين من دركاتها إذا ماتوا على ما هم عليه من كفر وفجور وزندقة ومجون. هذا اليهودي عندما عرض عليه أحد الروافض أن يدخل في الإسلام قال له كيف أتبع ديناً تُتهم زوجة نبي هذا الدين بالزنا والفجور, ويُسب أباها ويُسب أصحابه, والله لو علمت أن أحداً من اليهود يتهم زوجة موسى عليه السلام بما تتهمون به زوجة نبيكم والله لفارقت اليهودية وبحثت عن دين آخر, فهنا بهت الرافضي الذي كفر, ولم يستطع أن يهمس ببنت شفة, ولكنه رجع إلى عقله، وتداركه الله بواسع رحمته، وأعلنها مدوية في سماء الدنيا وقال لليهودي أمدد إلي يدك، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله, وأنا تائب عما كنت عليه من هذا الكفر العظيم, وعندها نطق اليهودي بالشهادة وفاز بالسعادة وحسن إسلامه. وإليك أيها المبارك، ويا عقلاء الشيعة -إن كان فيكم مسكة من عقل- إليكم قصة هذا اليهودي بالتفصيل، وكيف أسلم هذا الرافضي، وكيف كان تعظيم هذا اليهودي لجناب النبي صلى الله عليه وسلم المقدس, وكيف كان تعظيمه لأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وأترككم تستمتعون بالقصة.حكى الشَّيْخُ الإمام الحافظ ضياء الدِّين المقدسي رحمه الله قال: أخبرنا خالي الشيخ أبو عمرُ محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي -رحمه الله- إجازةً, قال: إن الشيخ المقرئ أبا بكر بن علي بن عبد الله الحرَّاني نزيلَ بغداد حدَّثه سنة سبع وتسعين وخمسمائة بمحلة الصَّالحين بسفح جبل قاسيون, قال: خرجتُ لزيارةِ قبرِ أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في آخر خلافة المستضيء أنا وجماعةٌ, فنزلنا على نقيب من نقباء الأشراف العلويين, فأكرَمنا, وأحسنَ إلينا, وكان هو متولّي الموضع, وإذا له خادم يهودي يتولى أمرَه, وخدمتَه, وكان الذي عرَّف بيننا وبينه رجلٌ هاشميٌّ كان صديقاً لنا, فلمَّا كنَّا في بعض الأيام جُلوساً عند النَّقيب العلوي؛ إذ قال له الهاشمي -ونحن نسمع-: أيُّها السيِّدُ النقيب! إنَّ أمورَك كلَّها حسنةٌ, وقد جمعتَ الشَّرف, والمروءة, والكرم إلا أننا أنكرنا استخدامَك لهذا اليهوديَّ, واستدناءَك إيَّاه مع مخالفتِه دينك, وأنت وهو كما قال بعضُهم:


إن الذي شُرِّفْتَ من أجِلِه يَـزعمُ هذا أنَّه كاذبٌ


أو كما قال, فكيف هذا؟


فقال النّقيب: هو كما تقولون, إلا أني اشتريتُ مماليك كثيرة وجواري, فما رأيتُ أحداً منهم وافقني, ولا وجدتُ فيهم أمانةً ونصحاً مثل هذا اليهودي, يقوم بأموري كلِّها مع الأمانةِ. فقال بعضُ الجماعة: فإذا كان على هذه الصِّفة؛ فأعْرِضْ عليه الإسلام, فلعلَّه يسلم. قال: فأرسَل إليه, فلمَّا جاء قال له بعضُ الجماعة: قد دعوناك لكذا, كذا. فقال اليهوديُّّ: واللهِ لقد عرفتُ حين دعوتموني ما تُريدونَ منِّي. فقلنا له: إنَّ هذا النقيب قد عرفتَ فضلَه, وبيتَه, ورئاستَه, وهو يُحبُّك! فقال اليهوديُّ: أنا أيضاً أُحبُّه! فقلنا له: فلمَ لا تتبعهُ على دينه؟ وتدخلُ في الإسلام. فقال اليهوديُّ: قد علمتُم أني أعتقد أن عُزيراً نبيٌّ كريم -أو قال: موسى صلوات الله عليه - ولو علمتُ: أن في اليهود من يتَّهم زوجة نبي بسوءٍ, ويسبُّ أباها ويسبُ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما اتبعت دينَهم, فإذا أسلمت أنا لِمَنْ أتَّبع؟ فقال الهاشميُّ: تتبع النَّقيب الذي أنتَ في خدمته.


فقال اليهودي: ما أرضى هذا لنفسي! قال: ولِمَ؟ قال: لأن النقيب يقول في زوجة نبيهِ عائشة ما يقول, ويسبُّ أباها, وأصحاب نبيِّه, فلا أرضى هذا لنفسي أن أتبعَ دين محمد, وأقذف زوجتَه, وأسبُّ أصحابه, فرأيتُ أن ديني دين اليهود خيرٌ من دينه. قال: فوَجمَ النقيبُ, وأطرق إلى الأرض ساعة, ثم فع رأسه, وقال لليهوديِّ: صدقتَ! مُدَّ يَدَك, أنا أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهدُ أن محمداً رسول الله, إني تائبٌ عمَّا كنتُ عليه من هذا الأمر الذي ذكرت. فقال اليهوديُّ عندَ ذلك: وأنا أيضاً أشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له, وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسوله, وأنَّ كل دين غيرَ الإسلام باطل, وأسلم, وحسن إسلامه, وتاب النقيب عن الرَّفض, وحسنت توبته" أ . هـ .


فانظر -رحمك الله ! - هذه الحكاية الحسنة, وما فيها من الموعظة لمن له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد. وكيف يسع مسلم يدَّعي الإيمان باللهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبَّته, وموالاته, ثمَّ يطعن في أزواجه وأصحابه مع نصه صلى الله عليه وسلم على أنَّها رضي الله عنها وأباها أحبُّ الناس إليه؟!. كما ثبت في ((صحيح البخاريّ)) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: "عائشة" قلت: ومن الرجال. قال: "أبوها"[2]. أو ما سمعت قول الله -عزَّ وجلًّ -{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }(النور الآية (23))


فأيُّ وعيد أعظم من هذا, وهذا في حقِّها -رضي الله عنها- إذ هي أمُّ المؤمنات المحصنات منزلةً عند الله وعندَ رسوله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمَّة.


وعدَ اللهُ -عز َّ وجلَّ- من رماها بالفجور باللعنة في الدُّنيا والآخرة, والعذاب العظيم في الآخرة؛ إلا أن يتوب إلى الله عزَّ وجلًّ.


والله في القرآن قد لعن الذي بعد البراءة بالقبيح رماني


والله وبخ من أراد تنقصي إفكاً وسّبح نفسه في شاني


أتظن الرافضة أنَّ فراسة النبوة تُخطئ, كلا والله المعطي! ولقد قدَّمها على النساء بمزيةٍ كفضل الثريد على سائر الطعام -يعني : ثريد اللحم- قال صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"[3]. وكشف عن بصرها, حتى أبصرت جبريل -عليه السلام- فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: سلَّم عليها! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة! هذا جبريل يَقرأُ عليك السَّلام"[4], عجباً لجبريل -عليه السلام- واجه مريم بالخطاب, واحترم ذلك الجناب, وما ذاك إلا لأن مريم كانت من الأزواج خالية, وهذه بنسبة الرسول صلى الله عليه وسلم حالية, فمن احترمها -لبيان صيانتها- جبريلُ؛ كيف يصحّ عليها الزُّور والأباطيل؟


إني لمحصنة الإزار بريئة ودليل حسن طهارتي إحصاني


والله أحصنني بخاتم رسله وأذل أهل الإفك والبهتان


وكيف لا تصان زوجته في الدنيا والآخرة عمَّا قاله فيها أهل الإفك والفجور, بل هو بهتان وزور, وسلَّ لسانه أيَّ سلول. وصدق الصحابي الجليل شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم وشاعر الإسلام والمسلمين حين قال في حق أمنا أم المؤمنين رضي الله عنها تلك الأبيات التي تُكتب بدمائنا حيث يقول رضي الله عنه:


حَصَان رزانٌ ما تُزنُ بريبةٍ وتُصبحُ غرثى من لحوم الغوافل


عقيلة حيٍّ من لؤيّ بن غالب كرام المداعي مجدُهم غير زائلِ


مُهذبة قد طيّبَ الله خيْمها وطهّرها من كل بغيٍ وباطلِ


فإن كان ما قد قيل عني قلته فلا رفعتْ سوطي إليَّ أناملي


وإن الذي قد قيل ليس بلائطٍ بها الدهر بل قول امرئٍ بي ماحلِ


وكيف وودّي ما حييتُ ونصرتي لآل رسول الله زين المحافلِ


رأيتُك وليغفر لك الله حُرّةً من المحصناتِ الغرّ ذاتِ غوائلِ


ولم يتبين لها إلا تغير الرسول صلى الله عليه وسلم, ما علمت في الحال إلا في حالِ قول بعض النساء لها: تعس مسطح, فقالت: وماله؟ فأخبرتها بقول أهل الإفك, فاستأذنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى بيتِ أبويْها؛ ليتبَّين الحال, فقالت لأمِّها: يا أمَّاه! ما يقولُ الناس؟ فقالت لها: يا بنية! لا بأس عليك حَسَدُ الضرائر لا يضرُّ, فما زالت ترفع إلى ربِّها قصص الغُصَصِ مسطورة بمداد الدمع, إلى أن دخل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عليها, فجلس, فقال: "يا عائشة! إن كنت ألممتِ بذنب؛ فاستغفري الله, ثم توبي إليه!" فقالت لأمِّها: يا أماه! أجيبي عني رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلم تَدرِ ما تقول, فصاحت: فصبرٌ جميل والله المستعان, فقابلتها قِبْلة من يُجيب المضطر إذا دعاه, فنزل الوحي من الله على لسان جبريل ببراءتها من السَّماء.


وتكلم الله العظيم بحجتي وبراءتي في محكم القرآن


والله عظمني وعظم حُرمتي وعلى لسان نبيه براني


أيها المسلمون


يا أبناء عائشة البررة في كل مكان, أرأيتم حفاوة المولى جل وعلا بأمنا رضي الله عنها, وتبرئته لها من فوق سبع سموات, ورأيتم حفاوة جبريل عليه السلام لها وإقراره لها السلام, ورأيتم محبة نبيكم لها صلى الله عليه وسلم حتى غدت من أحب الخلق إليه, بل رأيتم تعظيم هذا اليهودي لأمنا رضي الله عنها وإعظامه أن يُقال عنها ما قد قيل من الإفك المبين والبهتان العظيم؟! كما قال ربنا جلا وعلا {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.


أين هذا كله من أولئك الأوغاد الأنجاس الأشرار أبناء المتعة المجنونة والشهوة المسعورة, والسفاح المشين؟ أين هذا التعظيم والتبجيل والتمجيد والتشريف الذي نالته أمنا رضي الله عنها من رب العالمين ومن جبريل الأمين, والرسول الكريم والصحب الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, من قول هذا الملعون الأثيم حيث يقول عنها -لعنه الله تعالى- إنها -وحاشاها- أصابت أربعين ديناراً من الفاحشة وفرقتها على مبغضي علي رضي الله عنه, وأنها كانت تلبس الثياب الحمر الشفافة وتذهب للرجال تعلمهم غسل الجنابة..., وأنها كانت تزين جواري عندها وتخرج بهن في الطرقات وتقول لهن: لعلنا نصطاد بكن شباب قريش, وأن طلحة بن عبيد الله -أحد العشرة المبشرين بالجنة- كان عشيقاً لها وقد فجر بها في مسيرهم إلى البصرة قبل موقعة الجمل، إلى غير ذلك من القاذورات التي طفحت بها كتبهم النجسة مثلهم, لقد جاء أولاد اللخناء بجريمة شنعاء تندك من هولها الجبال, وتنشق لها الأرض عيوناً وتنفطر من قبحها السماء، سبحانك ربي سبحانك هذا بهتان عظيم, وإفك مبين، وشر مستطير {... وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(النور من الآية (11)).


وأشكو فريةً من صُنع ِقوم ٍ تزول لها سموات وتُرْعِد


بطعن في التي برئتْ بقولٍ من الرحمن من وحي مُؤيد


وطعن في التي الله اصطفاها وطهرها لتصبح زوج أحمد


وأم المؤمنين وبنت من قد مع المختار في الغار تَعبّد


ومن نقلت لنا سنناً وحكماً ومن حملت لنا عِلماً تعدد


ومن كانت لخير الناس حِبٌّ سلو التاريخ يُنْبِيكمُ ويشْهد


ألا إن الخسارة فقْدُ دينٍ وسيرٌ خلفَ أهواءٍ تُمجّد


وتسليم العقول بلا حساب لأصحاب العمائم كي تُبدد


فيا عجباً لإبْنٍ جاء بغياً تمتَّع والداه فجاء يَحْسِد


ويرمي أمنا بالفحش زوراً فَشُلّ لسان من يرمي ويحْقِد


وصاحب عِمّةٍ سوداء بغلٌ يُفخذُ طفلة في المهد ترقد


يُحِلُّ لهم فعائل قوم لوط ويُسْلب خُمْسهم سُحتاً ويحشد


وإن يوماً مررتَ برافضي فأكرم وجهه بصقاً وسدد [5]


نعم أحبتي في الله أبناء عائشة رضي الله عنها



وإن يوماً مررتَ برافضي فأكرم وجهه بصقاً وسدد



أحبتي في الله: أعلم أن كل مسلم ومسلمة يقرأ أو يسمع ما يُقال عن أمنا وحبيبة قلوبنا عائشة رضي الله عنها يحزن أشد الحزن، بل ربما يموت كمداً من ذلك, وحُق له، ولكن ذكرنا ذلك -وما خفي كان أعظم -, لكي يعرف الجميع حقيقة القوم, وما تنطوي عليه قلوبهم المريضة, ونفوسهم الخبيثة من حِقد وكُرهٍ وبُغْضٍ ليس له نظير للإسلام, وعلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. وحتى لا تنخدع أيضاً بقول أولئك المغفلين الجهلة -إن أحسنا بهم الظن- القائلين بدعوة التقارب بيننا وبين أبناء المجوس وأحفاد السبئية اليهود, وأفراخ المنافقين الجُدد, فلا تقارب ولا يمكن أن نتقارب ولا هم كذلك حتى يدخلوا في ديننا ويكفروا بدينهم المبني على الكفر والإلحاد والكذب والبهتان، أفنطمع أن يؤمنوا لنا وهم يحرفون الكلم عن مواضعه ويطعنون في قرآننا ويكذبون ربنا, ويطعنون في شرف نبينا صلى الله عليه وسلم ويقذفون أمنا رضي الله عنها, ويلعنون صحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم وفي الأخير يكفروننا؟ هذا لن يكون إلا إذا أراد الله لهم الهداية فأذهب عنهم رجس الغواية وأخذ بأيديهم إلى طريق الحق والهداية، أما غير ذلك فلا ولا كرامة.


أحبتي في الله عندما كنت أطالع وأسمع ما قاله أولئك الأوغاد الأنجاس الكفرة بل هم أكفر الكفرة, كدت والله أموت أنا وأهل بيتي وكانوا معي شهود, وتكدرت حياتي, وتنغصت علي معيشتي حتى كادت أن تذهب نفسي حسرات, فأشفق عليَّ بعض أهلي لما رأوا ما نزل بي من الهم والغم والحزن ما لا يعلمه إلا الله، وما زال، فأرادوا أن يغيروا الموضوع ويتحدثوا معي في أمر آخر بعيداً عما نحن بصدده، عبثاً منهم أن ينتشلوني مما أنا فيه من غم وأنىَّ لهم ذلك, فالأمر من دونه خرت القتاد, ومفارقة الزاد, وفقد الأهل والأولاد, وكسر الغماد, وسل السيوف, ومقارعة الأبطال, ومنازلة الشجعان إنه عرض نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم, ولكني تفكرت ملياً وقلت أخاطب نفسي: القوم عمن يتكلمون؟ وهذه الأخبار من بها يقصدون؟ وهذه القبائح من بها يصفون؟ فقلت والله إن أحق من وُصِفَ بما وصفوا به من هذه القبائح العظام والزور والبهتان هي أمهم وليست أمنا, فأمنا حصان رزان نقية الطرف طاهرة العرض، وصدق حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال: والله ما زنت امرأة نبي قط, فهي أمنا أم المؤمنين وهي بهم عقيم فليست لهم بأم, لأنهم ليسوا بمؤمنين, فلو كانوا مؤمنين ما جاؤوا بهذا الإفك العظيم {... وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}( النور من الآية (11)).


فهذه الأوصاف القذرة والحكايات النتنة هم وأمهم وكل من على شاكلتهم أحق بها وأهل لها وزيادة, أَمّا أُمنا -رضي الله عنها- كفاها براءة الله جل وعلا لها من فوق سبع سماوات. وصدق الإمام العلم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول لأمنا رضي الله عنها وهي تعالج سكرات الموت: "أنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات, فليس مسجد يُذكر الله وإلا وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار". وصدق رضي الله عنه وأرضاه فيما قال, فليس هناك امرأة خّلد الله ذكرها بالذكر الحسن في كتابه الكريم مثل أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها. فهنيئاً لك يا أماه هذا التكريم وهذا التشريف والتمجيد من الرب المجيد تعالى وتقدس.فلا تحزنوا يا أبناء عائشة, فأمُّكم عناية الله ترعاها, وجميل ستره يغشاها, وبعظيم لطفه يتولاها.


ورددوا معي هذه الكلمات العذب الرقراق



أماه لا تحزني فالله برّاكِ أماه لا تحزني فالرب يرعاكِ



أماه لا تحزني فالله يحميكِ أماه لا تحزني فالعين تبكيكِ



أماه لا تحزني فالقلب يغليكِ أماه لا تحزني فالكل يفديك


لكن علينا أيها الأحبة يا أبناء عائشة البررة في كل مكان فوق كل أرض وتحت كل سماء



إقرأ المزيد... Résuméabuiyad