التعريف :
الإسماعيلية فرقة باطنية، انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق، ظاهرها التشيع لآل البيت، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر، وحقيقتها تخالف العقائد الإسلامية الصحيحة، وقد مالت إلى الغلوِّ الشديد لدرجة أن الشيعة الاثني عشرية يكفِّرون أعضاءَهَا.
فرق الإسماعيلية :
ظهر التفرق في طائفة الإسماعيلية كسائر فرق الشيعة منذ نشأتها حيث نجد هذه المصطلحات والأسماء الآتية في كتب الفرق وكلها تدل على فرق عديدة وانشقاقات في داخل فرقة الإسماعيلية وهذه طبيعة السبل التي نهانا الله عنها وحذرنا من أتباعها كما قال تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [ الأنعام: 153]،
وهذه الفرق حسب أسمائها في كتب المقالات على النحو الآتي:
1ـ الإسماعيلية الخالصة:
وهم الذين قالوا: إن الإمام بعد جعفر ابنه إسماعيل بن جعفر وأنكروا موت إسماعيل في حياة أبيه وقالوا إن ذلك على جهة التلبيس لأنه خاف عليه فغيبه عنهم وزعموا أن إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض ويقوم بأمور الناس وأنه هو القائم لأن أباه أشار إليه بالإمامة بعده وقلدهم ذلك له وأخبرهم أنه صاحبهم وهذه الفرقة تنتظر إسماعيل بن جعفر وجزم كل من الأشعري القمي والنوبختي إلى أن هذه الفرقة هي الخطابية أتباع أبي الخطاب قبل موته ولما توفى أبو الخطاب انضم أتباعه إلى الإسماعيلية وقالوا بإمامة إسماعيل في حياة أبيه مع إنكارهم لموته في تلك الفترة.
2ـ الإسماعيلية المباركية أو الإسماعيلية الثانية:
وهم القائلون : بأن الإمام بعد جعفر هو محمد بن إسماعيل بن جعفر وأمه أم ولد وقالوا إن الأمر كان لإسماعيل في حياة أبيه فلما توفي قبل أبيه جعل جعفر بن محمد الأمر لمحمد بن إسماعيل وكان الحق له ولا يجوز غير ذلك لأنها لا تنتقل من أخ إلى أخ بعد الحسن والحسين رضي الله عنهما ولا يكون الإمام إلا في العقاب ولم يكن لأخوة إسماعيل عبدالله وموسى في الإمامة حق كما لم يكن لمحمد ابن الحنفية فيها حق مع علي بن الحسن وأصحاب هذه المقالة يسمون المباركية نسبة إلى رئيس لهم يسمى المبارك كان مولى لإسماعيل بن جعفر
أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي - 2/352
3ـ فرقة القرامطة:
فرقة باطنية ثورية انشقت عن حركتها الأم الإسماعيلية وأصبحت فرعا من فروعها وسموا بالقرامطة نسبة إلى زعيمها وداعيتها الأول (حمدان قرمط) الذي يقول عنه الغزالي: كان حمدان أحد دعاة الباطنية في الابتداء حيث استجاب له في دعوته رجال فسموا قرامطة وقرمطية ودار بينهما محاورة دعوية استجاب فيها حمدان لجميع ما دعاه إليه هذا الباطني ومنها أخذه العهد والميثاق على حمدان بالبيعة للإمام الإسماعيلي والتزام سر الإمام وسر هذا الداعية ومن ثم انتدب حمدان للدعوة وصار أصلا من أصولها
(أصول الإسماعيلية لسليمان عبد الله السلومي – 2/353 )
4ـ فرقة الدروز:
هذه الفرقة من فرق الباطنية الإسماعيلية التي جاهرت بالغلو في شخصية الحاكم فانشقت عن المذهب الإسماعيلي ورغم انشقاقها وتفردها ببعض المعتقدات فإنها بلا شك وليدة الدعوة الإسماعيلية وبتعبير أدق جناحا من أجنحتها.
أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – 2/ 358
5ـ الإسماعيلية المستعلية:
يعتبر انقسام الطائفة الإسماعيلية إلى مستعلية ونزارية أضخم انقسام وافتراق منذ تأسيسها وبدايتها إلى عصرنا الحاضر حيث اتجهت كل فرقة إلى إمام من أئمتها في فترة الظهور وتمسكت به وبإمامة نسله من بعده إن كان له نسل أو عقب وحدث من جراء هذا الانقسام أن أصبح لكل فرقة كتب خاصة بها لأن لكل فرقة دعاة خاصين ومنظمين فكريين بل أصبح بعد ذلك لكل فرقة دولة خاصة بها ولا أدل على ذلك من دولة الصليحيين في اليمن والتي تمثل الإسماعيلية المستعلية ودولة الصباحيين أو الحشاشين في ألموت وجنوب فارس والتي تمثل الإسماعيلية النزارية.وبداية هذا الانقسام وسببه كما ذكرنا سابقا أن المستنصر العبيدي (الإمام الثامن من أئمة الظهور عند الإسماعيلية) لما مات في ذي الحجة من عام 487هـ أقام الأفضل ابن بدر أمير الجيوش ابنه المستعلي بالله بن المستنصر واسمه أبو القاسم أحمد للإمامة والحكم وخالفه في ذلك أخوه نزار بن المستنصر وبعد مناوشات بينهما فر إلى الإسكندرية ثم حاربه الأفضل حتى ظفر به فقتله ثم أمر الأفضل الناس بتقبيل الأرض وقال لهم قبلوا الأرض لمولانا المستعلي بالله وبايعوه فهو الذي نص عليه الإمام المستنصر قبل وفاته بالخلافة من بعده .وبذلك انقسمت الإسماعيلية إلى مستعلية أتباع المستعلي
ونزارية أتباع نزار
والحديث الآن عن المستعلية حيث يسمون بهذا الاسم نسبة إلى القول بإمامة المستعلي مع إنكار إمامة نزار بن المستنصر ويقولون إنه نازع الحق أهله من حيث أن الحق في الإمامة والخلافة كان لإمامهم المستعلي فادعاه لنفسه ويقولون إن شيعته على الباطل ويرون من الضلال اتباع الحسن الصباح داعية نزار والناقل عن المستنصر النص على إمامته .
ومن أسماء هذه الفرقة فيما بعد :
الطيبية نسبة إلى الطيب ابن الآمر المزعوم.
الذي سبق أن ذكرنا ادعاء الملكة أروى الصليحية إمامته وكفالتها له.
وبعد ذلك أطلق عليهم لقب الإسماعيلية الطيبية لزعمهم بإمامته وإمامة نسله المستورين من بعده كما يطلق على هذه الفرقة الإسماعيلية الغريبة وهؤلاء هم إسماعيلية مصر واليمن وبعض بلاد الشام تمييز لهم عن الإسماعيلية الشرقية إسماعيلية بلاد فارس أصحاب الحسن الصباح .
وتبنى هذه الفرقة وأبقاها الدولة الصليحية الذين حاولوا نشرها وبسطها في بلاد اليمن حتى انقرضت الدولة الصليحية عام 563هـ ولم يقم أتباع هذه الفرقة بأي نشاط سياسي يذكر ونراهم اتجهوا بعد ذلك اتجاها جديدا هو التجارة والاقتصاد واتخذوا التقية والستر – كعادتهم في التمويه – أسلوبا في نقل الدعوة الإسماعيلية المستعلية الطيبية إلى شبه القارة الهندية وظهر لهم لقب جديد ومسمى يتناسب مع مهنتهم وهو (البهرة) وسبب ذلك أنه عندما اعتنق جماعة من الهندوس الدعوة الإسماعيلية الطيبية وكثر عددهم في الهند عرفت الدعوة بينهم باسم البهرة وهي كلمة هندية قديمة معناها التاجر
البهرة: عندما اعتنق جماعة من الهندوس الدعوة الإسماعيلية الطيبية وكثر عددهم في الهند عرفت الدعوة باسم البهرة الذي يرمز إلى مهنتهم التي اشتهروا بها وهي التجارة حيث انصرفوا لها وحاولوا نشر عقيدتهم عن طريقها ولذا نجد أن دعوتهم انتشرت في أقطار متعددة نتيجة جهل الشعوب الإسلامية بهذه الدعوة الباطنية وعدم فهم الإسلام فهما صحيحا فلهم أتباع في بلاد الهند والباكستان وعدن كما يوجد عدد منهم في اليمن الشمالي في جبال حراز ولا زال يطلق عليه اسمهم الحقيقي والأصلي حيث يدعون بالقرامطة والباطنية ومن آثارها – كما يقول النشار – قبيلة يام وهي إلى اليوم باطنية تنتمي إلى بهرة الهند .
ويشتهر البهرة بالتعصب الشديد لمذهبهم وعقيدتهم وتقاليدهم التي ورثوها من قادتهم وزعمائهم (إسماعيلية اليمن المعروفين بالصليحيين) فهم يحافظون عليها محافظة تامة ولا يقبلون تبديلا لتلك التقاليد أو تطويرها ومن مظاهر ذلك:
1ـ الزي الخاص بهم رجالا ونساء حتى أن الناظر المتمعن فيهم يعرف البهري من غيره.
2ـ لهم أماكن خاصة للعبادة لا يدخلها غيرهم أطلقوا عليها اسم جامع خانة فهم لا يؤدون فريضة الصلاة إلا في الجامع خانة مع رفضهم لإقامة الصلاة في المساجد التي لغيرهم من المسلمين.
(وقد شاهدت مرارا وتكرارا البهريين يخرجون من المسجد الحرام عند إقامة الصلاة ويذهبون لأدائها في رباط لهم يسمى (الرباط السيفي) يقع بالقرب من الحرم المكي في الجهة الجنوبية)
3ـ الحرص الشديد على ستر عقائدهم المذهبية الباطنية إما في الظاهر فإنهم قد يشاركون المسلمين في أداء بعض الفرائض والأركان .
ورغم اتفاق البهرة ظاهريا مع غيرهم من المسلمين في العبادات والشعائر فإنهم يعتقدون عقائد باطنية بعيدة كل البعد عند معتقد أهل السنة والجماعة فهم مثلا يؤدون الصلاة كما يؤديها المسلمون ويحافظون على حدودها وأركانها كالمسلمين تماما ولكنهم يقولون إن صلاتهم هذه للإمام المستور من نسل الطيب بن الآمر ويؤدون شعائر الحج كما يؤديها المسلمون ولكنهم يقولون إن الكعبة التي يطوفون حولها هي رمز للإمام وهكذا يذهبون في عقائدهم مذهبا باطنيا يلتقي مع التيار الباطني العام .
وفي القرن العاشر الهجري انقسم البهرة إلى طائفتين :
تسمى إحداهما بالداودية
والأخرى بالسليمانية
ويرجع هذا الانقسام إلى الخلاف على من يتولى مرتبة الداعي المطلق للطائفة.فالفرقة الداودية تنتسب إلى الداعي السابع والعشرين من سلسلة دعاة الفرقة المستعلية الطيبية ويسمى بقطب شاه داوود برهان الدين المتوفى سنة 1021هـ وهم الأكثرية وهم بهرة كجرات ولذا أصبح مركز دعوتهم في الهند حيث يقيم داعيتهم الآن وهو طاهر سيف الدين في مدينة بومباي ويعتبر الداعي الحادي والخمسين من سلسلة الدعاة حيث بينه وبين الداعي الذي تنتسب إليه الداودية اثنان وعشرون داعيا ذكرهم العزاوي بالترتيب في مقدمته سمط الحقائق .
أما الفرقة السليمانية فتنتسب إلى الداعي سليمان بن الحسن الذي أبى أتباعه الاعتراف بداوود بدعوى عجب شاه اختار سليمان وأعطاه وثيقة بذلك ويدعي جماعته أنها لا تزال عندهم تلك الوثيقة وتبعه شرذمة قليلة نسبوا إليه ويتواجدون في اليمن ورئيسها الحالي علي بن الحسن ومحل إقامته بنجران جنوبي السعودية وهذه الطائفة منتشرة في قبائل بني يام باليمن وبعض أفراده مقيمون في الهند والباكستان . وكلا الداعيان برتبة (داع مطلق) وهي مرتبة وراثية تنتقل من أب إلى ابن وصاحبها يتمتع بنفس الصفات التي كان يوصف بها الأئمة على أنها صفات مكتسبة وليست ذاتية . ومما يدل على استعباد هؤلاء الدعاة لأتباعهم وخضوعهم لهم كما يخضعون للأئمة المظاهر التالية:
1ـ تعظيم دعاتهم المطلقين وتحيتهم بانحناء الرؤوس وتقبيل الأرض بين يديهم حتى ليكادوا يسجدوا لهم كما يعتقدون أنه – أي الداعي المطلق – كالمعصوم لا يخطئ ولا يضل أبدا وطاعته واجبة .
2ـ تقديس الأتباع لزعيمهم حتى أنه استخف بهم وأخذ يصنع الصكوك لأتباعه على قطع في الجنة وهذا مما نقل عن علي بن الحسن زعيم المكارمة في نجران .
3ـ تأليه الأئمة أو الداعي المطلق الذي يحل محله وأدل شيء على ذلك ما نقله لنا الدكتور محمد كامل حسين في طائفة الإسماعيلية عن محاورة جرت بينه وبين أحد زعماء الأغاخنية في العصر الحاضر ونصها قوله لأغاخان:
لقد أدهشتني بثقافتك وعقليتك فكيف تسمح لأتباعك أن يدعوك إله؟
فضحك طويلا جدا وعلت قهقهاته ودمعت عيناه من كثرة الضحك ثم قال: هل تريد الإجابة عن هذا السؤال. ؟
إن القوم في الهند يعبدون البقرة ألست خيرا من البقرة . وهذا وإن كان حدثنا لزعيم الأغاخانية إلا أن زعيم البهرة كذلك حيث يعبده أتباعه ويؤلهونه .
(أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – 2/ 362 )
6ـ الإسماعيلية النزارية (الحشاشون) :
يعتبر الإسماعيليون النزاريون طائفة وفرقة من أكبر الطوائف والفرق الإسماعيلية في العصر الحاضر حيث بدأ انفصال هذه الفرقة وتكونها بعد وفاة المستنصر عام سبع وثمانين وأربعمائة هجرية وكان حسب تقاليد الإسماعيلية قد نص على إمامة ابنه نزار لكن الوزير الجمالي صرف النص إلى أخيه المستعلي – ابن أخت الوزير – كما سبق أن ذكرنا ذلك تفصيلا وحصل من جراء ذلك انقسام الإسماعيلية إلى :
مستعلية ونزارية
وعلى الرغم من القضاء على نزار وقتله في الإسكندرية على يد وزير المستعلي الأفضل بن بدر الجمالي ولم يكن له عقب مستتر أو ظاهر على الرغم من ذلك فإن أحد دعاة الإسماعيلية ويدعى بالحسن الصباح انتصر لنزار وأصبح يدعو له ولأبنائه من بعده وجعل نفسه نائبا للإمام المستور من ولد نزار وأصبح يدعو له وبذلك تكونت هذه الفرقة وأصبح يطلق عليها الإسماعيلية النزارية نسبة إلى نزار بن المستنصر كما يطلق عليها اسم الدعوة الجديدة تمييزا لها عن الدعوة الإسماعيلية الأولى كما يطلق عليها الإسماعيلية الشرقية نسبة إلى مكان ظهورها وانتشارها وإشارة إلى انفصالها عن الإسماعيلية الأم والتي تسمى بالإسماعيلية الغربية . ويسميها بعض الكتّاب المعاصرين بإسماعيلية إيران نسبة إلى مكانها .
،وجميع هذه المسميات دالة عليها ومحددة لها وقد عاصر ظهور هذه الفرقة عالمان كبيران تولى كل واحد منهما فضح هذه الفرقة وبيان باطنيتها وشدة خطرها وعظم ضررها على الإسلام والمسلمين وهما:
الإمام الغزالي الذي ألف كتابه (فضائح الباطنية) والشهرستاني الذي أفرد لهم حديثا خاصا بهم عند قوله ثم إن أصحاب الدعوة الجديدة.. إلخ .
،وحفاظا على بقاء هذه الفرقة وإظهارها ادعى منظموها أن لنزار بن المستعلي ولدا ثم له نسلا استمرت الإمامة فيهم وبقيت ولكنهم – أي النزاريون – فيما بعد كذبوا أنفسهم حيث ادعوا الإمامة للحسن الصباح ومن جاء بعده ممن خلفه في قيادة دولة الحشاشين أو الفدائيين ولا أدل على ذلك من ادعاء الحسن الثاني من نسل الحسن الصباح في عام 559هـ أنه هو الإمام من نسل نزار بن المستنصر وأصبح اسمه لا يذكر إلا مقرونا (على ذكره السلام) كما يطلق في العادة في الأئمة المستقرين وبذلك أصبح حكام ألموت بعد الحسن الثاني والذين جاءوا بعده من النسب الفاطمي وهكذا أتى الحسن الثاني – كما يقول بدوي – بثلاثة تجديدات ما لبث النزارية في كل مكان أن قبلوها على درجات متفاوتة وأولها أنه أعلن نفسه خليفة لله في أرضه ولم يعد مجرد داع كما كان أسلافه .
ويعتبر الحسن الصباح العقل المدبر الذي نظم هذه الطائفة ووجهها ومن ثم نشرها في بلاد فارس مما نتج عن هذه الجهود قيام دولة الحشاشين أو الفدائيين كما سنفصل القول إن شاء الله في دولتهم عند الحديث عن دول الإسماعيلية في آخر هذا الفصل.
وبعد أن بدأت دولة الحشاشيين أو الإسماعيلية النزارية في ألموت في الأفول ظهر داعية إسماعيلي نزاري في بلاد الشام واسمه راشد الدين سنان ويلقب بشيخ الجبال وحاول تجميع طائفة الإسماعيلية من جديد حيث أن دعوة الإسماعيلية في بلاد الشام ترجع إلى وقت مبكر ولاسيما في مدينة سلمية التي كانت مقرا للأئمة المستورين والإمام الظاهر عبيد الله المهدي.
ومن أساليبهم التي حاولوا بها نشر مذهبهم وتقوية سلطتهم :
الاستيلاء على الحصون والقلاع ولذا يقول الدكتور محمد كامل حسين:
وما زال الإسماعيلية النزارية في الشام يشترون الحصون أو يستولون عليها حتى بلغ عدد حصونهم الرئيسة في الشام في القرن السابع للهجرة ثمانية حصون هي القدموس ومصياف وبانياس والكهف والخوابي والمنيقة والقليقة والرصافة ثم يضيف قائلا: وازدادت قوة الإسماعيلية بالشام بظهور شخصية فذة وداعية داهية في سياسته وفي مواهبه وحكمته وهو (راشد الدين سنان) الذي استطاع بمقدرته وكفايته أن يجمع كل إسماعيلية الشام فقد كان الإسماعيلية في الشام يدينون بإمامة أصحاب قلعة ألموت في فارس فجاء سنان وكون مذهب السنانية واعترفوا بإمامته غير أنهم عادوا بعد موته إلى طاعة الأئمة بألموت وبالرغم من تحولهم هذا فإن إسماعيلية الشام إلى الآن يذكرون الإمام راشد الدين على أنه أعظم شخصياتهم على الإطلاق .وقد تعاصر شيخ الجبل مع القائد المجاهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وكانت بينهما مساجلات كلامية حادة في أول الأمر ولكن صلاح الدين رحمه الله لما تبين له أنهم بقيادة شيخ الجبل يبيتون له ولجنده من أهل السنة أمرا ويضمرون لهم شرا حيث حاول عدد من الإسماعيلية اغتيال صلاح الدين بعد ذلك عزم على قتالهم والقضاء عليهم ففي سنة 572هـ قصد صلاح الدين بلد الإسماعيليين وانتصر عليهم كما حصر قلعة مصياف واضطروا بعد ذلك إلى طلب الصلح.
.وظل أمر الإسماعيلية النزارية في الشام بعد ذلك يضعف تارة ويقوى تارة أخرى إلى أن استسلمت آخر قلاعهم للظاهر بيبرس عام 672هـ وخفت أمرهم من الحياة السياسية حتى لم يسمع عنهم شيئا ولم تنقل الكتب التاريخية عنهم أحداثا تذكر ويبدو أن لجأوا إلى التقية والدعوة سرا إلى أن ظهر في إيران رجل شيعي يدعى حسن علي شاه ما بين سنة 1219هـ إلى سنة 1298هـ جمع حوله عددا من الإسماعيلية وغيرهم وقام بأعمال هدد بها الأمن وأقلق بها السلطات. في إيران حتى ذاع صيته وأصبح أسطورة على ألسنة الناس وانضمت إليه جماعات كثيرة إعجابا به أو طمعا في مكاسب آلية تأتيهم عن طريقه وواكب ظهور هذه الثورة التي هددت الأسرة القاجارية الحاكمة في إيران ظهور الإنجليز كقوة لها مطامع في بلاد فارس ومن ثم اتصلوا بحسن علي شاه وعضدوه ومنوه حكم فارس وفعلا قام حسن علي شاه بثوره عام 1840م كانت نهايتها الفشل والقبض على قائدها ولكن الإنجليز تدخلوا وحصلوا على أمر بالإفراج عنه بشرط أن يجلو عن إيران كلها وزين له الإنجليز الذهاب إلى أفغانستان ليكون صنيعة لهم هناك ولكن الأفغانيين كشفوا عن هويته واضطروه إلى الرحيل إلى الهند واتخذ من مدينة بومباي مقرا له وأراد الإنجليز أن يستفيدوا منه مرة أخرى ومن ثم اعترفوا به إماما للطائفة الإسماعيلية النزارية وخلعوا عليه لقب أغاخان ومنحوه السلطة المطلقة على أتباعه الإسماعيلية فالتف حوله الإسماعيلية في الهند .
وهذا بلا شك منعطف جديد أو تلفيق في انقطاع أئمة الإسماعيلية عموما والنزارية بوجه خاص حيث أن أمر النزارية انتهى بانتهاء أئمة وحكام ألموت عام 654هـ ولكن الاستعمار الإنجليزي لفق لهم هذه الشخصية المجهولة نسبا ودينا يصف الدكتور محمد حسين مشاعر الإسماعيليين وبداية هذه المسميات والألقاب عند ظهور هذا الرجل بقوله فتجمع – حول المدعو حسن علي شاه الملقب بأغا خان- الإسماعيلية في الهند وفرحوا بظهور شأنهم بعد أن ظلوا مغمورين طوال هذه القرون وبظهور إمامهم الذي ظل في الستر والكتمان مئات السنين! !فرأى حسن علي شاه أو أغاخان نفسه بين جماعة يطيعونه طاعة تدين دون أن يكون لهم غرض مادي فقوي نفوذه بينهم وأصبح كأنه سلطانهم الفعلي فأخذ ينظم شؤونهم إلى أن توفى عام 1298هـ وبذلك وجدت الأسرة الأغاخانية وصارت لهم إمامة الإسماعيلية النزارية وانتسبوا إلى الإمام نزار بن المستنصر بالله الفاطمي ومؤسس هذه الأسرة هو حسن علي شاه وهو أول إمام إسماعيلي لقب بأغاخان .
ومن هنا أطلق على الإسماعيلية في العصر الحاضر (الأغاخانية) فكما أن طائفة البهرة امتدادا للإسماعيلية المستعلية فكذلك طائفة الأغاخانية امتداد للإسماعيلية النزارية.