فهرس المدونة

السبت، 1 يناير 2011

اليهودي وتعظيمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها



اليهودي وتعظيمه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

الحمد لله المعز لأوليائه, المذل لأعدائه, كثير النعم, وسريع النقم, خيره وفضله نازل لعباده المؤمنين, وبأسه وانتقامه لا يُرد عن القوم المجرمين الأفاكين, فسبحانه من إله عظيم بر رحيم بالمؤمنين الطائعين, وجبار منتقم بالكافرين المكذبين لآيات رب العالمين.والصلاة والسلام على خير البرية, ومدكدك أركان الوثنية، ورافع لواء التوحيد والأمر الرشيد نبينا محمد الهادي البشير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين المبرئين من كل أمر يُشين, والصحابة الغرِّ الميامين, والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد:أيها الأحبة الكرام في كل مكان على أرض المعمورة، يا أبناء عائشة رضي الله عنها وأرضاها, أيها البررة، قلنا في مقال سابق إنه ليس بغريب ولا عجيب أن كل مسلم ومسلمة, ومؤمن ومؤمنة صادق في إسلامه محسن في إيمانه, سليم في معتقده يحب أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها؛ وذلك لأن حبنا لها نفسي لها الفداء وعرضي لعرضها وقاء- من مقتضيات الإيمان الذي لا يكتمل إيمان العبد إلا به, ومن مظاهر الحب لها -رضي الله عنها- تعظيمنا لجنابها المقدس, والذب عن عرضها الطاهر المبرأ من فوق سبع سماوات، أقول لا عجب في هذا كله, لكن العجيب حقاً والغريب صدقاً أنك تجد -يا رعاك الله- من لا يدين بدين الإسلام, بل يعادي الإسلام وأهله في جميع أحواله إلا نزر قليل من هؤلاء, تجد من بين هؤلاء القوم الذين عُرفوا بحقدهم الدفين وكيدهم للإسلام وأهله، تجد مِن بعضهم مَن يعظم هذا الجناب المقدس لرسول الله صلى الله عليه وسلم, ويَكْبُرُ في نفسه أن يتبع ديناً يُسَبُ فيه نبيه, ويُتهم في عرضه ويُنْسَبُ إلى زوجتهِ الخنا والزنا والفجور, يَعْظُم في نفسه أن يُقَال ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى زوجته الطاهرة التقية النقية الحصان الرزان أم المؤمنين رضي الله عنها.


أتدرون هذا الرجل إلى أي ديانة ينتمي؟ وبأي دين يدين؟ إنه رجل يدين باليهودية، وكلنا نعرف ما مدى عداوة اليهود للإسلام والمسلمين، ومع ذلك فإن هذا اليهودي كَبُرَ في نفسه وَعَظُمَ في قلبه أن يُنَال من أم المؤمنين رضي الله عنها بسوء, فضلاً أن يُدَنس عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم ويُطْعن في شرفه ويوصم فراشه بما وصمه الأنجاس الأخباث أبناء الخنا، نِتاج السفاح الجماعي والتسافد البهيمي[1], والشهوة المسعورة, والمتعة المجنونة، الروافض اللقطاء الذين لا يُعرف لهم نسب يُرجعون إليه, ولا أب شرعي ينتسبون إليه, أمثال أكابر مجرميهم قديماً وحديثاً كالطوسي, والمفيد, ونقمة الله الجزائري, والمجلسي.... والسيستاني ومجتبى الشيرازي والمهاجر, وياسر الحبيب الخبيث وغيرهم من شرار القوم الذين هم على شاكلتهم قبحهم الله وقبح ما جاؤوا به, وأكبهم على وجوههم في نار جهنم, وحشرهم مع إمامهم وسيدهم وقدوتهم في الكفر عبد الله بن أبي بن سلول وابن السوداء اليهودي في نار وقودها الناس والحجارة في أسفل سافلين من دركاتها إذا ماتوا على ما هم عليه من كفر وفجور وزندقة ومجون. هذا اليهودي عندما عرض عليه أحد الروافض أن يدخل في الإسلام قال له كيف أتبع ديناً تُتهم زوجة نبي هذا الدين بالزنا والفجور, ويُسب أباها ويُسب أصحابه, والله لو علمت أن أحداً من اليهود يتهم زوجة موسى عليه السلام بما تتهمون به زوجة نبيكم والله لفارقت اليهودية وبحثت عن دين آخر, فهنا بهت الرافضي الذي كفر, ولم يستطع أن يهمس ببنت شفة, ولكنه رجع إلى عقله، وتداركه الله بواسع رحمته، وأعلنها مدوية في سماء الدنيا وقال لليهودي أمدد إلي يدك، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله, وأنا تائب عما كنت عليه من هذا الكفر العظيم, وعندها نطق اليهودي بالشهادة وفاز بالسعادة وحسن إسلامه. وإليك أيها المبارك، ويا عقلاء الشيعة -إن كان فيكم مسكة من عقل- إليكم قصة هذا اليهودي بالتفصيل، وكيف أسلم هذا الرافضي، وكيف كان تعظيم هذا اليهودي لجناب النبي صلى الله عليه وسلم المقدس, وكيف كان تعظيمه لأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وأترككم تستمتعون بالقصة.حكى الشَّيْخُ الإمام الحافظ ضياء الدِّين المقدسي رحمه الله قال: أخبرنا خالي الشيخ أبو عمرُ محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي -رحمه الله- إجازةً, قال: إن الشيخ المقرئ أبا بكر بن علي بن عبد الله الحرَّاني نزيلَ بغداد حدَّثه سنة سبع وتسعين وخمسمائة بمحلة الصَّالحين بسفح جبل قاسيون, قال: خرجتُ لزيارةِ قبرِ أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في آخر خلافة المستضيء أنا وجماعةٌ, فنزلنا على نقيب من نقباء الأشراف العلويين, فأكرَمنا, وأحسنَ إلينا, وكان هو متولّي الموضع, وإذا له خادم يهودي يتولى أمرَه, وخدمتَه, وكان الذي عرَّف بيننا وبينه رجلٌ هاشميٌّ كان صديقاً لنا, فلمَّا كنَّا في بعض الأيام جُلوساً عند النَّقيب العلوي؛ إذ قال له الهاشمي -ونحن نسمع-: أيُّها السيِّدُ النقيب! إنَّ أمورَك كلَّها حسنةٌ, وقد جمعتَ الشَّرف, والمروءة, والكرم إلا أننا أنكرنا استخدامَك لهذا اليهوديَّ, واستدناءَك إيَّاه مع مخالفتِه دينك, وأنت وهو كما قال بعضُهم:


إن الذي شُرِّفْتَ من أجِلِه يَـزعمُ هذا أنَّه كاذبٌ


أو كما قال, فكيف هذا؟


فقال النّقيب: هو كما تقولون, إلا أني اشتريتُ مماليك كثيرة وجواري, فما رأيتُ أحداً منهم وافقني, ولا وجدتُ فيهم أمانةً ونصحاً مثل هذا اليهودي, يقوم بأموري كلِّها مع الأمانةِ. فقال بعضُ الجماعة: فإذا كان على هذه الصِّفة؛ فأعْرِضْ عليه الإسلام, فلعلَّه يسلم. قال: فأرسَل إليه, فلمَّا جاء قال له بعضُ الجماعة: قد دعوناك لكذا, كذا. فقال اليهوديُّّ: واللهِ لقد عرفتُ حين دعوتموني ما تُريدونَ منِّي. فقلنا له: إنَّ هذا النقيب قد عرفتَ فضلَه, وبيتَه, ورئاستَه, وهو يُحبُّك! فقال اليهوديُّ: أنا أيضاً أُحبُّه! فقلنا له: فلمَ لا تتبعهُ على دينه؟ وتدخلُ في الإسلام. فقال اليهوديُّ: قد علمتُم أني أعتقد أن عُزيراً نبيٌّ كريم -أو قال: موسى صلوات الله عليه - ولو علمتُ: أن في اليهود من يتَّهم زوجة نبي بسوءٍ, ويسبُّ أباها ويسبُ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما اتبعت دينَهم, فإذا أسلمت أنا لِمَنْ أتَّبع؟ فقال الهاشميُّ: تتبع النَّقيب الذي أنتَ في خدمته.


فقال اليهودي: ما أرضى هذا لنفسي! قال: ولِمَ؟ قال: لأن النقيب يقول في زوجة نبيهِ عائشة ما يقول, ويسبُّ أباها, وأصحاب نبيِّه, فلا أرضى هذا لنفسي أن أتبعَ دين محمد, وأقذف زوجتَه, وأسبُّ أصحابه, فرأيتُ أن ديني دين اليهود خيرٌ من دينه. قال: فوَجمَ النقيبُ, وأطرق إلى الأرض ساعة, ثم فع رأسه, وقال لليهوديِّ: صدقتَ! مُدَّ يَدَك, أنا أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهدُ أن محمداً رسول الله, إني تائبٌ عمَّا كنتُ عليه من هذا الأمر الذي ذكرت. فقال اليهوديُّ عندَ ذلك: وأنا أيضاً أشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له, وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسوله, وأنَّ كل دين غيرَ الإسلام باطل, وأسلم, وحسن إسلامه, وتاب النقيب عن الرَّفض, وحسنت توبته" أ . هـ .


فانظر -رحمك الله ! - هذه الحكاية الحسنة, وما فيها من الموعظة لمن له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد. وكيف يسع مسلم يدَّعي الإيمان باللهِ ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبَّته, وموالاته, ثمَّ يطعن في أزواجه وأصحابه مع نصه صلى الله عليه وسلم على أنَّها رضي الله عنها وأباها أحبُّ الناس إليه؟!. كما ثبت في ((صحيح البخاريّ)) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: "عائشة" قلت: ومن الرجال. قال: "أبوها"[2]. أو ما سمعت قول الله -عزَّ وجلًّ -{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }(النور الآية (23))


فأيُّ وعيد أعظم من هذا, وهذا في حقِّها -رضي الله عنها- إذ هي أمُّ المؤمنات المحصنات منزلةً عند الله وعندَ رسوله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمَّة.


وعدَ اللهُ -عز َّ وجلَّ- من رماها بالفجور باللعنة في الدُّنيا والآخرة, والعذاب العظيم في الآخرة؛ إلا أن يتوب إلى الله عزَّ وجلًّ.


والله في القرآن قد لعن الذي بعد البراءة بالقبيح رماني


والله وبخ من أراد تنقصي إفكاً وسّبح نفسه في شاني


أتظن الرافضة أنَّ فراسة النبوة تُخطئ, كلا والله المعطي! ولقد قدَّمها على النساء بمزيةٍ كفضل الثريد على سائر الطعام -يعني : ثريد اللحم- قال صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"[3]. وكشف عن بصرها, حتى أبصرت جبريل -عليه السلام- فقال للرسول صلى الله عليه وسلم: سلَّم عليها! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة! هذا جبريل يَقرأُ عليك السَّلام"[4], عجباً لجبريل -عليه السلام- واجه مريم بالخطاب, واحترم ذلك الجناب, وما ذاك إلا لأن مريم كانت من الأزواج خالية, وهذه بنسبة الرسول صلى الله عليه وسلم حالية, فمن احترمها -لبيان صيانتها- جبريلُ؛ كيف يصحّ عليها الزُّور والأباطيل؟


إني لمحصنة الإزار بريئة ودليل حسن طهارتي إحصاني


والله أحصنني بخاتم رسله وأذل أهل الإفك والبهتان


وكيف لا تصان زوجته في الدنيا والآخرة عمَّا قاله فيها أهل الإفك والفجور, بل هو بهتان وزور, وسلَّ لسانه أيَّ سلول. وصدق الصحابي الجليل شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم وشاعر الإسلام والمسلمين حين قال في حق أمنا أم المؤمنين رضي الله عنها تلك الأبيات التي تُكتب بدمائنا حيث يقول رضي الله عنه:


حَصَان رزانٌ ما تُزنُ بريبةٍ وتُصبحُ غرثى من لحوم الغوافل


عقيلة حيٍّ من لؤيّ بن غالب كرام المداعي مجدُهم غير زائلِ


مُهذبة قد طيّبَ الله خيْمها وطهّرها من كل بغيٍ وباطلِ


فإن كان ما قد قيل عني قلته فلا رفعتْ سوطي إليَّ أناملي


وإن الذي قد قيل ليس بلائطٍ بها الدهر بل قول امرئٍ بي ماحلِ


وكيف وودّي ما حييتُ ونصرتي لآل رسول الله زين المحافلِ


رأيتُك وليغفر لك الله حُرّةً من المحصناتِ الغرّ ذاتِ غوائلِ


ولم يتبين لها إلا تغير الرسول صلى الله عليه وسلم, ما علمت في الحال إلا في حالِ قول بعض النساء لها: تعس مسطح, فقالت: وماله؟ فأخبرتها بقول أهل الإفك, فاستأذنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى بيتِ أبويْها؛ ليتبَّين الحال, فقالت لأمِّها: يا أمَّاه! ما يقولُ الناس؟ فقالت لها: يا بنية! لا بأس عليك حَسَدُ الضرائر لا يضرُّ, فما زالت ترفع إلى ربِّها قصص الغُصَصِ مسطورة بمداد الدمع, إلى أن دخل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عليها, فجلس, فقال: "يا عائشة! إن كنت ألممتِ بذنب؛ فاستغفري الله, ثم توبي إليه!" فقالت لأمِّها: يا أماه! أجيبي عني رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلم تَدرِ ما تقول, فصاحت: فصبرٌ جميل والله المستعان, فقابلتها قِبْلة من يُجيب المضطر إذا دعاه, فنزل الوحي من الله على لسان جبريل ببراءتها من السَّماء.


وتكلم الله العظيم بحجتي وبراءتي في محكم القرآن


والله عظمني وعظم حُرمتي وعلى لسان نبيه براني


أيها المسلمون


يا أبناء عائشة البررة في كل مكان, أرأيتم حفاوة المولى جل وعلا بأمنا رضي الله عنها, وتبرئته لها من فوق سبع سموات, ورأيتم حفاوة جبريل عليه السلام لها وإقراره لها السلام, ورأيتم محبة نبيكم لها صلى الله عليه وسلم حتى غدت من أحب الخلق إليه, بل رأيتم تعظيم هذا اليهودي لأمنا رضي الله عنها وإعظامه أن يُقال عنها ما قد قيل من الإفك المبين والبهتان العظيم؟! كما قال ربنا جلا وعلا {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.


أين هذا كله من أولئك الأوغاد الأنجاس الأشرار أبناء المتعة المجنونة والشهوة المسعورة, والسفاح المشين؟ أين هذا التعظيم والتبجيل والتمجيد والتشريف الذي نالته أمنا رضي الله عنها من رب العالمين ومن جبريل الأمين, والرسول الكريم والصحب الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, من قول هذا الملعون الأثيم حيث يقول عنها -لعنه الله تعالى- إنها -وحاشاها- أصابت أربعين ديناراً من الفاحشة وفرقتها على مبغضي علي رضي الله عنه, وأنها كانت تلبس الثياب الحمر الشفافة وتذهب للرجال تعلمهم غسل الجنابة..., وأنها كانت تزين جواري عندها وتخرج بهن في الطرقات وتقول لهن: لعلنا نصطاد بكن شباب قريش, وأن طلحة بن عبيد الله -أحد العشرة المبشرين بالجنة- كان عشيقاً لها وقد فجر بها في مسيرهم إلى البصرة قبل موقعة الجمل، إلى غير ذلك من القاذورات التي طفحت بها كتبهم النجسة مثلهم, لقد جاء أولاد اللخناء بجريمة شنعاء تندك من هولها الجبال, وتنشق لها الأرض عيوناً وتنفطر من قبحها السماء، سبحانك ربي سبحانك هذا بهتان عظيم, وإفك مبين، وشر مستطير {... وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(النور من الآية (11)).


وأشكو فريةً من صُنع ِقوم ٍ تزول لها سموات وتُرْعِد


بطعن في التي برئتْ بقولٍ من الرحمن من وحي مُؤيد


وطعن في التي الله اصطفاها وطهرها لتصبح زوج أحمد


وأم المؤمنين وبنت من قد مع المختار في الغار تَعبّد


ومن نقلت لنا سنناً وحكماً ومن حملت لنا عِلماً تعدد


ومن كانت لخير الناس حِبٌّ سلو التاريخ يُنْبِيكمُ ويشْهد


ألا إن الخسارة فقْدُ دينٍ وسيرٌ خلفَ أهواءٍ تُمجّد


وتسليم العقول بلا حساب لأصحاب العمائم كي تُبدد


فيا عجباً لإبْنٍ جاء بغياً تمتَّع والداه فجاء يَحْسِد


ويرمي أمنا بالفحش زوراً فَشُلّ لسان من يرمي ويحْقِد


وصاحب عِمّةٍ سوداء بغلٌ يُفخذُ طفلة في المهد ترقد


يُحِلُّ لهم فعائل قوم لوط ويُسْلب خُمْسهم سُحتاً ويحشد


وإن يوماً مررتَ برافضي فأكرم وجهه بصقاً وسدد [5]


نعم أحبتي في الله أبناء عائشة رضي الله عنها



وإن يوماً مررتَ برافضي فأكرم وجهه بصقاً وسدد



أحبتي في الله: أعلم أن كل مسلم ومسلمة يقرأ أو يسمع ما يُقال عن أمنا وحبيبة قلوبنا عائشة رضي الله عنها يحزن أشد الحزن، بل ربما يموت كمداً من ذلك, وحُق له، ولكن ذكرنا ذلك -وما خفي كان أعظم -, لكي يعرف الجميع حقيقة القوم, وما تنطوي عليه قلوبهم المريضة, ونفوسهم الخبيثة من حِقد وكُرهٍ وبُغْضٍ ليس له نظير للإسلام, وعلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. وحتى لا تنخدع أيضاً بقول أولئك المغفلين الجهلة -إن أحسنا بهم الظن- القائلين بدعوة التقارب بيننا وبين أبناء المجوس وأحفاد السبئية اليهود, وأفراخ المنافقين الجُدد, فلا تقارب ولا يمكن أن نتقارب ولا هم كذلك حتى يدخلوا في ديننا ويكفروا بدينهم المبني على الكفر والإلحاد والكذب والبهتان، أفنطمع أن يؤمنوا لنا وهم يحرفون الكلم عن مواضعه ويطعنون في قرآننا ويكذبون ربنا, ويطعنون في شرف نبينا صلى الله عليه وسلم ويقذفون أمنا رضي الله عنها, ويلعنون صحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم وفي الأخير يكفروننا؟ هذا لن يكون إلا إذا أراد الله لهم الهداية فأذهب عنهم رجس الغواية وأخذ بأيديهم إلى طريق الحق والهداية، أما غير ذلك فلا ولا كرامة.


أحبتي في الله عندما كنت أطالع وأسمع ما قاله أولئك الأوغاد الأنجاس الكفرة بل هم أكفر الكفرة, كدت والله أموت أنا وأهل بيتي وكانوا معي شهود, وتكدرت حياتي, وتنغصت علي معيشتي حتى كادت أن تذهب نفسي حسرات, فأشفق عليَّ بعض أهلي لما رأوا ما نزل بي من الهم والغم والحزن ما لا يعلمه إلا الله، وما زال، فأرادوا أن يغيروا الموضوع ويتحدثوا معي في أمر آخر بعيداً عما نحن بصدده، عبثاً منهم أن ينتشلوني مما أنا فيه من غم وأنىَّ لهم ذلك, فالأمر من دونه خرت القتاد, ومفارقة الزاد, وفقد الأهل والأولاد, وكسر الغماد, وسل السيوف, ومقارعة الأبطال, ومنازلة الشجعان إنه عرض نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم, ولكني تفكرت ملياً وقلت أخاطب نفسي: القوم عمن يتكلمون؟ وهذه الأخبار من بها يقصدون؟ وهذه القبائح من بها يصفون؟ فقلت والله إن أحق من وُصِفَ بما وصفوا به من هذه القبائح العظام والزور والبهتان هي أمهم وليست أمنا, فأمنا حصان رزان نقية الطرف طاهرة العرض، وصدق حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال: والله ما زنت امرأة نبي قط, فهي أمنا أم المؤمنين وهي بهم عقيم فليست لهم بأم, لأنهم ليسوا بمؤمنين, فلو كانوا مؤمنين ما جاؤوا بهذا الإفك العظيم {... وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}( النور من الآية (11)).


فهذه الأوصاف القذرة والحكايات النتنة هم وأمهم وكل من على شاكلتهم أحق بها وأهل لها وزيادة, أَمّا أُمنا -رضي الله عنها- كفاها براءة الله جل وعلا لها من فوق سبع سماوات. وصدق الإمام العلم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول لأمنا رضي الله عنها وهي تعالج سكرات الموت: "أنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات, فليس مسجد يُذكر الله وإلا وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار". وصدق رضي الله عنه وأرضاه فيما قال, فليس هناك امرأة خّلد الله ذكرها بالذكر الحسن في كتابه الكريم مثل أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها. فهنيئاً لك يا أماه هذا التكريم وهذا التشريف والتمجيد من الرب المجيد تعالى وتقدس.فلا تحزنوا يا أبناء عائشة, فأمُّكم عناية الله ترعاها, وجميل ستره يغشاها, وبعظيم لطفه يتولاها.


ورددوا معي هذه الكلمات العذب الرقراق



أماه لا تحزني فالله برّاكِ أماه لا تحزني فالرب يرعاكِ



أماه لا تحزني فالله يحميكِ أماه لا تحزني فالعين تبكيكِ



أماه لا تحزني فالقلب يغليكِ أماه لا تحزني فالكل يفديك


لكن علينا أيها الأحبة يا أبناء عائشة البررة في كل مكان فوق كل أرض وتحت كل سماء



ليست هناك تعليقات: